نزار حسين راشد

عائدٌ إلى قريتي، أو ما كنت أظنها قريتي، تغيرت أشياء كثيرة، تلتقطها العين للوهلة الأولى، شوارع جديدة واسعة، محلّات فخمة بواجهات لامعة، توقّفت أمام أحدها لأشتري شيئاً للعائلة فلم أحضر معي أية هدية، تثاقلاً من حملها كُلّ تلك المسافة، شدّ انتباهي حصانٌ وحيد مربوط إلى عامود كهرباء، يقف بجانبه فتىً...
أتملّى وجهك كأني أقرأ كفّاً أو أُحدّقُ في مرآة وجهك سيّدُ الحُسن تلك الجوهرة المشتهاة تشيخ الوجوه وتذوي ويعدو عليها الكِبَر لكنّ وجهك لم يتغير ظلّ بديعاً كما كان فمذ خلق الله السموات والأرض هل تغيّر وجه القمر تعالي نتقاسم البعد إذن أنا أخُطّ بيديّ القصيد وأنت تقرأين وتبتسمين فليس لدينا جُسورٌ...
تحدث الردّة عن الدين،عن المبدأ،عن كلّ مسارات الحياة،إلا الحب، ذلك النوع من الحب،الذي يولد كاملاً، كنفحة من روح الله أو هبّة من جنته، وحينئذٍ فيمكنك أن تقايض العالم بلحظةٍ في فيئه، فالتة من عدّاد الزّمن،ألم يُعر أنطونيو أمجاد روما لبلاط كليوباترا، وقدّم عنترة مآثر فروسيته قرباناً لعيون عبلة،...
"قطار أمجد ناصر ورحيل سعدي يوسف: الراكب الأخير" في مقالته المعنونة "للريل وحمد" والمنشورة في العربي الجديد، ذَكَرنا الراحل أمجد ناصر أنا وعدنان وذكّرني بأيام الشباب قال: بسهولةٍ يستطيع نزار حسين، أحد أقدم أصدقائي الزرقاويين، بعث ذكرياتٍ سارّة في نفسي، خصوصاً عندما يتحدّث عن صداقتنا، هو وعدنان...
"نجوى من عشٍّ فارغ" من هذا المَطَل أبعثُ إليك بأصداء صداقة قديمة هل تُصدّقين العشُّ الذي كُنا نتأمّلُه معاً كُلّ صباح مع القهوة من هذا المطلّ ذاته لا يزال معلّقاً بأعلى الشجرة لقد تفكّّكت قشّاتُه قليلاً ولكنه لم يسقط ظل مُعلّقاً هناك شاهداً على عمر سعيد قضيناه معاً في تلك العاصمة البعيدة مما...
"تحت سقفٍ واحد"شعر لا شيء يختصر البعد إلا أن أتسلّى بتحويل العالم إلى غرفة كبيرة نسكنها معاً بين طرفين قصّيين نتقاسم الهواء والسماء دفء الصيف وبرد الشتاء وتبدّل المواسم على مهل وربما نحتفل معاً بحدثٍ جديدٍ سعيد أو نحزنُ معاً لطاريءٍ ما يعكّر صفو الحياة ثم نمسحه معاً بكف العزاء والمواساة حياةٌ...
ما أبعد القمر في بهو اليقظة وما أقربه في رُدهة الحلم ما أبعد الأماكن للزاهد في عناء السفر وما أقربها لعاشق الإرتحال ما أعذب وجهكِ حين يفضّ عنان الخيال وما أشهاه حين أراه ما أوسع الفضاء للمتأمّل وما أضيقه للطريدة لا تحدّثيني عن العالم فقد خبرته جيّداً ما أوجع تلك الخبرة وما أرفق البلسم حين تطوف...
قالت أمّي هذا الشهر ستذهب معي لاستلام المونة الشهرية من مستودعات الوكالة تقصد وكالة الغوث بالطبع، وهذه مناسبة ثقيلة على نفسي، لطالما تهربت منها، وكنت أنا الذي اقترح على أمي أن توكّل بها أبا سليمان مقابل مبلغ شهري أو "شهرية كما حسب تعبير أمي، وحيث أن أبا سليمان قد توفي، كان لا بد لي من الذهاب...
كان المكتب مزدحماً بما فيه،صعبة هي البدايات،تلامست أطراف المكاتب واستدارت مع استدارة الجدران، وبقي ذلك الفضاء الصغير الذي يسمح فقط بالدخول من الباب، كان زياد مطرقاً، متّكئاً بمرفقه على سطح المكتب، وساعِدُهُ مرفوع وقلمه بين أصابعه كأنه صورة تجمّدت في لقطة، ولكنه نبس أخيراً موجها خطابه للزّجال...
أول سمة ملفتة من سمات الرواية،هو الحضور الطاغي للشخصيات النسائية، والحضور الهامشي للشخصيات الرجالية، أما السمة الثانية المرتبطة بها فهي توزع الأدوار في ثنائية صارخة: دور الجلاد للرجل والضحية للمرأة، مما يضع الرواية على لائحة التناول النمطي للمظلومية النسائية، وهي الصورة الشائعة جدّاً في الأدب...
ألف عاصمة جُبتها في كل عاصمة ألف شارع في كل شارع ألف بناية في كل بناية مائة شقة لكل شقّةٍ نافذة واحدة تطل منها امرأة واحدة متكئة على مرفقيها تراقب الرائحين والعائدين لم تلوّح لي ولم تدعٌني وما غلّقت واحدة بابها ولم تقل هئت لك فأرسلت خطوي بعرض الزحام مواكباً وقع الخطوات مجانباً صفوف المُكعبّات...
أتذكرين حين كنّا فيض عاطفةٍ في إناء والآن نحاول جاهدين أن نشعل الرغبة بأعواد ثقابٍ أكلتها الرطوبة والعفن الاخضر وخبا في رؤوسها الإشتهاء! كنّا نسير تحت كل الشموس نذرع كل السواحل والآن نحاول الإختباء خلف مرايا العيون ووراء كُل ظلال هذا الوجود الذي أمطرتتا غيومه بُرهةً بالوعود ثُمّ لم توفِ بل...
عجيبة رام اللَّـه، متعددة الثقافات، متعددة الأمزجة، لم تكن ""مدينة ذكورية ولا متجهمة، دائمًا سباقة للحاق بكل ترف جديد”. هكذا وصف المرحوم مريد البرغوثي رام الله،وهو وصفٌ فيه الكثير من التهذيب والتشذيب،وإذا التقطنا كلمة الترف،فالترف هو الإنطباع الذي تركته "رؤية رام الله" في نفس الرئيس الحبيب...
وقفنا بباب العمود تباعاً خطوي على إثر خطوك رأيتُ الذي رأيتَهُ أنت وأهمّني ما أهمّك فهذا الوطنُ الصغيرُ كراحة اليدِ لا زال فيهِ مُتّسعٌ لمثلي ومثلك ولكنّه يُساء بهم ويضيقُ بهم ذرعاً فهؤلاء الذين لا يألفون ولا يؤلفون لن تجد بينهم أبداً ما يسُرُّك! وحين ترمقهم شزراً ينغضون إليك الرؤوس ويسألون في...
رحل الصيفُ خفيفاً كقصّةِ حُبٍّ قصيرة لمّ غُرّته عن جبين نهاراته ومضى! هكذا يُشعل الحُبّ شمعاتِه ويترُكها لامتحان الرّياحِ نضُمّ عليها الجناح لكنها تخبو قليلاً قليلاً وتمشي إلى المُنتهى رحل الصّيف تاركاً ألوان طيفه في عيونك وعلى صدرك بستان فاكهة وجوريّةً مستديرة و على سُرّتُكِ فم نافورة تفيض على...

هذا الملف

نصوص
203
آخر تحديث
أعلى