محمد محمود غدية

اليوم جميل ورائع رائحة الهواء فيه طازجة، تتسلل الى الصدور بيسر، الأطفال يطاردون طائراتهم الورقية، بدا كل شئ مجللا باللون الأخضر حتى أنه بدا من المستحيل ألا يستمتع المرء به، رغم أن القطار يسير فوق قضبان منتظمة، لكن لا يستبعد خروجه عن القضبان، وإنقلابه بعرباته وركابه، لا أحد يمكنه إيقاف القطار...
قصة قصيرة : بقلم محمد محمود غدية / مصر ثوب فى زرقة البحر ملامحها تطارده فى كل النساء وكل الأماكن، فى بعض الأحيان يضبط نفسه متلبساً وهو يدور حول امرأة فى المقهى الذى إعتاد الجلوس فيه، يتأملها وحدقتا عينيه على إتساعهما ليكتشف أنها أخرى، أتبع يوماً إمرأة فى الشارع، كان يقفز وهو...
رفقاء الزمن هم تحويشة العمر، نور الأيام شديدة الحلكة، خضرة الروح وطراوتها، يجتهد فى تضميد جراح الأيام، وسد ثقوب خيمات العمر، وترميم حطام الزمن وتداعياته، بداخله خراب بحجم الكون، مئات الحشرات الصغيرة تفترس روحه اللينة، تنهشه الوحدة، وتبتلعه الحوارى الضيقة المتداخلة فى بعضها، يلف معها ويدور حتى...
أصبح عضوا بارزا فى جماعة الأدب بالكلية، لإجادته الشعر إلقاء وكتابة، فى المهرجان الشعرى السنوى الذى تقيمه الجامعة، ألقى قصيدة شعرية، صفق لها الحضور طويلا، ومن بينهم تلك الفتاة، متأنقة المظهر والمنظر، إقتربت منه مبدية إعجابها بالقصيدة، بعد أن رددت بعض المقاطع، التى حفظتها عن ظهر قلب، أنت أحد إثنين...
يراقب اسراب الطيور العائدة، وموت عصفور قتلته رصاصة طائشة، مثلما تفعل بالانسان، مركبة تسابق الريح فوق الأسفلت، يرسم ماينقشه الظل، يتسكع خلف أبواب المدن المنكوبة، ثم يهوى فى ليل الرماد الطويل، نقيا فى تواضعه، يعيش على موارد روحه، قبل أن تتوه روحه على ضفاف الوداعة، هل تمهله شمس أحلامه الغاربة بعض...
طلب من إخوته الحضور والإنصات إليه، أكبر إخوته الجميع يحبه ويقدره، - قال : اليوم يوافق خروج والدنا فى سن المعاش، الذى يسمونه سن التقاعد، والثلاثين الثانية هى مجموع ستين عاما تعنى آخر أيام له فى العمل اليوم، - فى ورقة بيضاء رسم مثلث متساوى الأضلاع، فى قاعدة الضلع الأول رسم طفلا، وفى قمة...
قصة قصيرة.: بقلم محمد محمود غدية / مصر المذبحة زميلته ناهد معيدة معه فى نفس القسم البيولوجى، تتشابه ظروفهما من حيث السن، بعد تجاوزهما الثلاثين بقليل، خطبت لجار أحبها وسافر إلى دولة أوربية، توقفت رسائله إليها بعد أن إمتدت الخطوبة لسنوات أربع، فشلت فى إيقاظ عواطفها نحوه، ففسخت الخطوبة وأكملت...
فى صدره شجون من صداقات كانت أثيرة لديه، تباعدت وأحدثت شروخاً وإرتطامات نفسية موجعة، فى غيابهم إنطفأت بداخله أنقى المشاعر، صدره حقيبة مغلقة على قلبه، الذى كان غافياً، يستريح من الأوجاع التى تنهشه، بين الحين والآخر، يغمس قلمه فى مداد الآسى، يكتب قصصاً قصيرة، لا تفلح فى إزاحة ركام الأحزان، يرى فى...
إستدعى جيش إشتياقه، أمام رقة ملامحها، وهى الجميلة ذات البهاء والصفاء، فواحة الحضور، المدينة تستسلم للنعاس، الباعة الجائلين تتثائب أفواههم، بعد أن سحبت الشمس أشعتها الأخيرة، نسيم هادىء رائق يتسلل إلى رئتيه، وسط أجواء فردوسية، أقيمت الزينات والإحتفالات فى عرس كأنه ليلة من ألف ليلة، رزقهما الله...
جلس جوارها بالقطار، لم تكن بالجميلة، فى منتصف العقد الثانى أو أقل أو أزيد بقليل، الجوب قصير، يبرز جمال ساقيها، كأنهما عوضا عن غياب جمالها، لا توجد امرأة قبيحة، لكن توجد المرأة الغبية، التى لم تستطع إبراز نواحى الجمال فيها، تقرأ فى كتاب، إستطاع بعد جهد قراءة عنوانه، اللامنتمى للكاتب الانجليزى...
كلمات عابثة متسكعة على سطور غير مستقيمة، وسنوات عمر تتساقط سنة تلو أخرى، كأوراق خريف ذابل، بها نكهة الشوق المجروح، وخطى الحنين المرتعشة، وذاكرة هرمة موبوءة بالصدأ تارة، ومثقوبة بأضغاث أحلام تارة أخرى، الحزن ينمو ويكبر ويتمدد كشجر اللبلاب، الذاكرة شاحبة متعبة، لا نرى من خلالها سوى الجزء الأصغر من...
سحبت الشمس أثوابها فى رحلة الغياب، وتسلل الليل عبر شباك النافذة الذى كان مواربا، يقطع السكون رنين الهاتف، الذى حمل خبر نجاح كبرى البنات، أخيرا حصلت على بكالريوس الإعلام قسم صحافة، إلتحقت بالعمل فى إحدى الصحف الخاصة، بعد رفض والدها العمل تحت ريادته، فى واحدة من الصحف القومية الكبرى - تجلس...
الحياة لا تعرف البذخ والرأفة، جاءته فرصة السفر لبلاد الثلج والضباب، وهو الطبيب النابه الساعى للرزق، والرزق قليل لا يكفى، ترك عروسه بعد شهر وسافر، تذكر قول الشاعر أمل دنقل : كل الأحبة يرتحلون / فترحل شيئا فشيئا / من العين ألفة هذا الوطن يستشعر نداوة هواء بلاده فى رئتيه، تتبعه المدن، وجد عملا...
هرب من ضوضاء العمل وتكدس الملفات، ونفاق السكرتارية المفتوحة أفواههم طول الوقت، على إبتسامات بلهاء باهتة، إختارته أبعد طاولة مهملة بالمقهى، جاءه النادل بقهوته المعتادة، يحتسى قهوته متلذذا، مقلبا فى ذاكرته عن أمسيات طيبة حلوة، ذهبت مثل كل الأشياء التى تذهب، حين كان يصحو على إبتسامة زوجته،...
هناك من يغلق شباكه فى وجه السعادة، لأنه لايقدر على فرد جناحيه، والنهوض من تحت الدثر، لا يفعل ماتفعله البجع فى سعيها للرزق، وسط ثلج الفضاء العاصف، الحياة دأبت على منحنا حفنة من الهموم، بين الوقت والآخر، هى مقدرات لا تخصنا وحدنا، لكن هذا شأنها مع كل الناس، لابد للهموم أن تحلق فوق رؤسنا، لكنه...

هذا الملف

نصوص
420
آخر تحديث
أعلى