البنت الصغيرة، إسمها فرحه، أبعد ماتكون عن الفرح، عاشت فى بيئة متواضعة، متوسطة الجمال، بداخلها طاقة إيجابية من الحب، تكفى العالم وتفيض، توقفت عند الشهادة المتوسطة، كانت ترغب فى الجامعة، لكن المسافة بين ماترغبه والإمكانيات بعيدة، محبتها ورقتها، تضفى عليها جمالا، تفتقر إليه الكثير من البنات فى...
دون الثلاثين بقليل جميلة، تابعها وهى تتنهد فى راحة، أغمضت عينيها وإبتسامة مقتضبة تداعب وجنتيها، طوى الصحيفة وشرب فنجان القهوة دفعة واحدة،
حتى لا يشغله شئ عن التحديق فيها،
المقهى يتخفف من الرواد، والشمس ترتدى حلل الغياب، متمسك بالحياة رغم قناعته
أن الإنسان يولد ليموت !
وبين الميلاد والموت،...
سألوه ما الفرق بين الحب والزواج ؟ أجاب : الحب ان تتطلع للسماء تعد النجوم، والزواج هو الحفرة التى تسقط فيها أثناء تطلعك للسماء !
لم يعد بقلبه متسع لهزائم جديدة،
لم يتزوج وهو الأربعينى الميسور والمأسور بعشق النساء، يكفيه الحب الذى يفتح مسارات الحنين فى الأرواح، حتى كان يوما حين طرقت باب...
يحدق في الظلام ساهماً، قبل أن يغمض عينيه ويغرق فى ليل ماطر، لقريته التى أصبحت أسمنتية، بعد أن تقلصت المساحات الخضراء، حتى الأشجار ذبحوها، لتصبح مقعداً بارداً فى حديقة لا يرتادها أحد، أو طاولة للطعام، إرتفعت العمائر إلى طوابق عدة يسمونها الأبراج بعد أن كانت دوراً واحدة،
- إشتاق لخبز أمه، العيش...
اليوم جميل ورائع رائحة الهواء فيه طازجة، تتسلل الى الصدور بيسر، الأطفال يطاردون طائراتهم الورقية، بدا كل شئ مجللا باللون الأخضر حتى أنه بدا من المستحيل ألا يستمتع المرء به، رغم أن القطار يسير فوق قضبان منتظمة،
لكن لا يستبعد خروجه عن القضبان، وإنقلابه بعرباته وركابه، لا أحد يمكنه إيقاف القطار...
قصة قصيرة :
بقلم محمد محمود غدية / مصر
ثوب فى زرقة البحر
ملامحها تطارده فى كل النساء وكل الأماكن، فى بعض الأحيان يضبط نفسه متلبساً وهو يدور حول امرأة فى المقهى الذى إعتاد الجلوس فيه، يتأملها وحدقتا عينيه على إتساعهما ليكتشف أنها أخرى، أتبع يوماً إمرأة فى الشارع، كان يقفز وهو...
رفقاء الزمن هم تحويشة العمر، نور الأيام شديدة الحلكة، خضرة الروح وطراوتها، يجتهد فى تضميد جراح الأيام، وسد ثقوب خيمات العمر، وترميم حطام الزمن وتداعياته، بداخله خراب بحجم الكون، مئات الحشرات الصغيرة تفترس روحه اللينة، تنهشه الوحدة، وتبتلعه الحوارى الضيقة المتداخلة فى بعضها، يلف معها ويدور حتى...
أصبح عضوا بارزا فى جماعة الأدب بالكلية، لإجادته الشعر إلقاء وكتابة،
فى المهرجان الشعرى السنوى الذى تقيمه الجامعة، ألقى قصيدة شعرية، صفق لها الحضور طويلا، ومن بينهم تلك الفتاة، متأنقة المظهر والمنظر، إقتربت منه مبدية إعجابها بالقصيدة، بعد أن رددت بعض المقاطع، التى حفظتها عن ظهر قلب،
أنت أحد إثنين...
يراقب اسراب الطيور العائدة، وموت عصفور قتلته رصاصة طائشة، مثلما تفعل بالانسان، مركبة تسابق الريح فوق الأسفلت، يرسم ماينقشه الظل، يتسكع خلف أبواب المدن المنكوبة، ثم يهوى فى ليل الرماد الطويل، نقيا فى تواضعه، يعيش على موارد روحه، قبل أن تتوه روحه على ضفاف الوداعة، هل تمهله شمس أحلامه الغاربة بعض...
طلب من إخوته الحضور والإنصات إليه،
أكبر إخوته الجميع يحبه ويقدره،
- قال : اليوم يوافق خروج والدنا فى سن المعاش، الذى يسمونه سن التقاعد، والثلاثين الثانية هى مجموع ستين عاما تعنى آخر أيام له فى العمل اليوم،
- فى ورقة بيضاء رسم مثلث متساوى الأضلاع، فى قاعدة الضلع الأول رسم طفلا، وفى قمة...
قصة قصيرة.:
بقلم محمد محمود غدية / مصر
المذبحة
زميلته ناهد معيدة معه فى نفس القسم البيولوجى، تتشابه ظروفهما من حيث السن، بعد تجاوزهما الثلاثين بقليل، خطبت لجار أحبها وسافر إلى دولة أوربية، توقفت رسائله إليها بعد أن إمتدت الخطوبة لسنوات أربع، فشلت فى إيقاظ عواطفها نحوه، ففسخت الخطوبة وأكملت...
فى صدره شجون من صداقات كانت أثيرة لديه،
تباعدت وأحدثت شروخاً وإرتطامات نفسية موجعة، فى غيابهم إنطفأت بداخله أنقى المشاعر، صدره حقيبة مغلقة على قلبه، الذى كان غافياً، يستريح من الأوجاع التى تنهشه، بين الحين والآخر، يغمس قلمه فى مداد الآسى، يكتب قصصاً قصيرة، لا تفلح فى إزاحة ركام الأحزان، يرى فى...
إستدعى جيش إشتياقه، أمام رقة ملامحها، وهى الجميلة ذات البهاء والصفاء، فواحة الحضور،
المدينة تستسلم للنعاس، الباعة الجائلين تتثائب أفواههم، بعد أن سحبت الشمس أشعتها الأخيرة، نسيم هادىء رائق يتسلل إلى رئتيه، وسط أجواء فردوسية، أقيمت الزينات والإحتفالات فى عرس كأنه ليلة من ألف ليلة، رزقهما الله...
جلس جوارها بالقطار، لم تكن بالجميلة، فى منتصف العقد الثانى أو أقل أو أزيد بقليل،
الجوب قصير، يبرز جمال ساقيها، كأنهما عوضا عن غياب جمالها،
لا توجد امرأة قبيحة، لكن توجد المرأة الغبية، التى لم تستطع إبراز نواحى الجمال فيها،
تقرأ فى كتاب، إستطاع بعد جهد قراءة عنوانه، اللامنتمى للكاتب الانجليزى...
كلمات عابثة متسكعة على سطور غير مستقيمة، وسنوات عمر تتساقط سنة تلو أخرى، كأوراق خريف ذابل، بها نكهة الشوق المجروح، وخطى الحنين المرتعشة، وذاكرة هرمة موبوءة بالصدأ تارة، ومثقوبة بأضغاث أحلام تارة أخرى، الحزن ينمو ويكبر ويتمدد كشجر اللبلاب، الذاكرة شاحبة متعبة، لا نرى من خلالها سوى الجزء الأصغر من...