محمد محمود غدية

لديه القدرة المدهشة لإعادة الشراع الى حالته الأولى، بعد أن عبثت به فوضى الريح والوصول بمركبه الى شواطىء الأمان، المدهش أنه حين تمطر السماء، تتساقط سنواته الأربعين ويصبح طفلا فى العاشرة، ليس له بهذا الكوكب الدوار عنوان، كل المدن والبحار ملك له، يقف أمام عين حبيبته مخدرا مصلوبا، يستكشف ألقهما...
بعد ليل طويل، مزقت ستائر غرفتها الرمادية، بستائر الوانها مبهجة وردية، مودعة الليل المعتم، مرحبة باإشراقة الصباح بعد غياب، كان لا بد لها التطهر من كل المرارات التى تجرعتها، وغاصت بداخلها وحولها، كيف أصبحت امراة عاطلة من الفرح والشباب، والذكريات وكل شىء، وهى التى ذهبت اليه، بدافع حبها له، وهى أيضا...
رسم لنفسه هدفا لا يحيد عنه، فى إختياره واحدة من كليات القمة، سياسة واقتصاد كوالده الذى يعمل فى الحقل الدبلوماسى، والسفر لكل الدنيا فى آخر المرحلة الثانوية، فى إحدى مدارس اللغات الخاصة المشتركة، ولأنه نتاج الحضارتين الأوربية والمصرية، أب مصرى وام المانية، فقد ورث الشعر الأصفر والوسامة ورشاقة...
قرر أن يأخذ اليوم أجازة من العمل ومن زوجته، حيث اللا شئ واللامكان، يتمدد ويتمطى ويهرب من حرارة الشمس ويدخل بساتين الأمسيات الهامسة، يشرب أشعة القمر، ويرتوى بالضوء بعد أن تكاثفت العتمة بين ضلوعه، - فى المقهى، إختارته طاولة نصف متهالكة فى إحدى الزوايا، توقفت فى حلقه غصة من مرارة، حين تذكر زوجته...
نبت عشوائى فى حديقة مهملة، هكذا يرى نفسه غير مهتم بمظهره، الورود تنبت فى الأرض الطينية شديدة السواد، هكذا كان يجيب على من يسأله عن فوضى ملابسه وذقنه الغير حليقه، منضبط فى عمله كبندول الساعة، ولأنه الأكثر انضباطا ونشاطا وعملا، فقد تم ترقيته مديرا لشئون الأفراد، كانت هناك عينين حانيتين تشعان دفئا...
عجز عن إسعاد نفسه، وهو الدودة التى لا تكف عن إلتهام الكتب وحفظ الأشعار، حاول أن ينفض الغبار والفوضى من رأسه فلم يفلح، تقلص الجمال وساد القبح فى كل شئ حوله، التلوث السمعى والبصرى حتى المرأة التى أحبها، والتى تشبه فى الكثير ثمر الخوخ، أصبحت كالورد الصناعى، لا طعم لا رائحة مصبوغه بالألوان، منفوخة...
هناك عوالم شاسعة من الأحلام والخيالات، روضة مليئة بالأسفار والحكايات، عن أناس وأوطان وعهود غابرات، كانت الشمس قد بدأت فى حزم أمتعتها والإنسحاب تدريجياً من على طاولات المقهى، الذى بدا متخففاً من رواده، إلا من ذلك الرجل المنطوى على نفسه، والذى كان يبتلع قهوته ويرتشفها دون تلذذ، وكأن أحزانه تضافرت...
عبر نافذة كانت منفرجة، فتحها نسيم الصبح الرطب، تسللت الشمس، إستقبلتها أصص الأزهار، في تفتح أوراقها المشرعة، كأنها فراشات، ألوانها تخلب الألباب وتآسر النواظر. راحت امرأة ناحلة، ذات عينين نجلاوين مسالمتين، تراقبان الخيوط الذهبية، التى تخلفت عن شمس الصباح، معلنة ميلاد يوم جديد. لم تستطع أن تمنع...
كثيراً ما يتعارض الإسم مع الصفة، فهذا جميل يفتقد للجمال، وذاك باسم لا يعرف غير العبوس والتجهم، إلا سعيد فقد تطابق إسمه مع الصفة، منذ زواجه باإمرأة جمعت بين الجمال ورجاحة العقل، وهما نادراً ما يجتمعان، منحته أجنحة قوية ، أعانته على التحليق معها حيث الفردوس، وثمر الليمون والبرتقال ورائحة النعناع،...
جميلة رشيقة الخطى، قوامها بديع خصرها نحيل، شعرها مسافر فى كل الدنيا، كالشموس والأقمار، إختصرت سنوات الجامعة، فى التحصيل والمذاكرة والنجاح، وكان لها ماأرادت بعد أن أسقطت من حساباتها أجمل مافى الحياة الحب، شادى كان حبها الوحيد، رفضت السفر معه بعد أن جاءته منحة من إحدى الجامعات العلمية بالخارج،...
-1- أخذ يقفز درجات سلم المترو، ليلحق بها، يتأجج شوقه لها، مسحور ومجذوب، لصوتها وعطرها، لتلك الصحارى، التي تسحله إليها، وحدها تضمد جراحات الأيام، لها وجنتان رائعتان، يمكن للبيض أن ينضج فوقهما ببساطة، سيحدثها عن وحشة الأمسيات، التي مرت دونها، عن غصة قلبه، وملكوت نرجسها، عن جبالها الوعرة، التي لم...
كاتب القصة لا يمكنه إخضاع شخصياتها لأفكار مسبقة، وغالبا ما تمضى القصة فى إتجاهات غير متوقعة، دور الكاتب تدوينها دون زيادة أو نقصان، - رجل وإمرأة مغموران بوشاح المسرة، يعصران الشهد من اللآلئ والنجوم والأقمار، تذهلنا الحياة بمنطقها المعاكس وغير المتوقع، فقد تهدى إليك شيئاً تحبه فى توقيت خطأ، أو فى...
تصحبها دعوات أمها و قائمة من المحظورات والممنوعات، وهى تخطو أولى عتبات الجامعة، مدهوشة أمام الكرنفالات والإكسسوارت والباديهات الملتصقة، فتيات مصبوغات ومنفوخات بالسيلكون، يرتدين جديد بيوت الأزياء، - لا تصادقى الأولاد والبنات، لاشئ سوى الإهتمام بمحاضرات الجامعة بهدف الحصول على شهادة التخرج،...
رسم لنفسه هدفا لا يحيد عنه، فى إختياره واحدة من كليات القمة، سياسة وإقتصاد كوالده الذى يعمل فى الحقل الدبلوماسى، والسفر لكل الدنيا، فى آخر المرحلة الثانوية، فى إحدى مدارس اللغات الخاصة المشتركة، ولأنه نتاج الحضارتين الأوربية والمصرية، أب مصرى وأم المانية، فقد ورث الشعر الأصفر والوسامة ورشاقة...
اليوم جميل ورائع رائحة الهواء فيه طازجة، تتسلل الى الصدور بيسر، الأطفال يطاردون طائراتهم الورقية، بدا كل شئ مجللا باللون الأخضر حتى انه بدا من المستحيل ألا يستمتع المرء به، رغم أن القطار يسير فوق قضبان منتظمة، لكن لا يستبعد خروجه عن القضبان، وإنقلابه بعرباته وركابه، لا أحد يمكنه إيقاف القطار...

هذا الملف

نصوص
454
آخر تحديث
أعلى