محمد بشكار

كما حُوصِر الإنسان في بيته بين الجدران لتطويق الوباء ومنْعِه من التَّفشِّي، حُوصر أيضاً عقله في فكرةٍ واحدة هي فيروس كورونا، لكنني لن أستسلم لهذا المأزق المؤرِّق الذي أخْلى الشوارع منا وجعلنا عالما بدون بشر، لن أدع السنة تستثني من الفصول أجملها، وتححب عن بصري شقائق النعمان المشرئبَّة بأعناقها...
لا يمُرُّ عنوانٌ في تلفازٍ أو صحيفة إلكترونية وورقية أصابه ما أصاب البشر من فيروس كورونا، دون عبارة (الحَجْر الصحي)، وما أشبه تكرارها بضربات الفأس على الرأس، خصوصا إذا كان يحفر قبرا مؤجلا على مقاس ميت مازال يحتضر في الفراش، بل إن عبارة (الحَجْر الصحي) التي قد تفيد أحيانا الإكراه البدني، تجعلنا...
عُمْر الإنسان المريض ولو كان في طريقه للموت، ليس بيد الطبيب الذي يقيس بأدواته المعدنية درجة الحياة، ولكن يُمكن القول إن عُمْر المجتمع بِرُمَّتِه أصبح بيد غيرنا مع وقف إعلان الوفاة، فلا شيء يدُلُّ على أننا مُجتمعٌ حَيٌّ رغم كميات الدموع التي نُهْرقُها أمام أنظار العالم، وليْت بعض الأنفس التي لا...
التَّوقيع فيه.. وليس فيه، والتَّوقيع في زمننا بالقلم كما في زمن أسلافنا بالبصمة التي تصير سارية الحِبْر بعد النَّفخ على الأصبع، تَعاملٌ إداري وتجاري ومالي ورمزي أيضا في حالة الاستلام أو التسليم، ورغم تباهينا بالقول إنَّ الرجل أو حتى المرأة هي الكلمة، إلا أنه لا أحد يُمكن أن ترْبِطه من لسانه وهو...
المَوْقِف أن يكون لك مع الرأي الجرأة لقوله علانيةً، وليس الموقف أن تستعير أكثر من لسان لِتطْلَعَ على الناس في كل يومٍ بكلامٍ لا يشبه الذي سَبَقَهُ أو الذي سيليه، عسى وأنت تتقلَّبُ ظَهراً على بطْنٍ في المواقف بالخفَّة التي تجعلك تتقلَّبُ في المناصب، أنْ تحظى بالثَّبات في الشهادة ! ما من أحدٍ إلا...
الحاجة لِأشياءٍ نفتقدها في واقعنا المعيش، وراء كل ما نبْتدِعه تحت غطاء رسمي يُعطيه الشرعية، لذلك ابْتدعنا أياماً سُمِّيت تغليطاً بالعالمية دون أن تشمل هذه العالمية قرية مطمورة بسكانها بين جبال الثلج في تخوم الأطلس، وهاهي السعادة التي جعلتها الأمم المتحدة لا تتجاوز يوما بتاريخ 20 مارس من كل سنة،...
بعض الفلاسفة الأكثر عقلانية في تاريخ الفكر الإنساني انتهوا للجنون، وبعض الكوميديين الذين سخَّروا كل قُدُراتهم التَّمثيلية لإضحاك الناس، جعلوا الضحك ينْقلِبُ بكاءً حين انتحروا، ولم يكن المُفكِّر يبحث عن فهْمٍ آخر للعالم أبعد من العقل، إنما اكتشف أنه يسبح بعقلانيته التي لا يريدها أحدٌ ضد التيار،...
يَعْبُر العُمْرُ لَا يَعْبُرُ الجِسْرُ: هَلْ قَدَرِي يَا حَيَاهْ الجَرْيُ أَسْفَلَ جِسْرِكِ مِنْ حَجَرِ كَالمِيَاهْ؟ يَعْبُرُ العِطْرُ لَيْتَكِ إذْ تَتْرُكِينَهُ خَلْفَكِ لَا تَعْبُرِينْ.. مَا السَّبِيلُ لِرُؤْياكِ عَيْنِي تُخَاصِمُنِي لَيْسَ يُقْنِعُهَا الوَرْدُ يَنْبُتُ فِي بَصَرِي أوْ...
1 الأقنعة ليست للوجوه فقط، ولكن ثمة من يستعملها ليعيش بشرف وهذا ما نُسمِّيه البطالة المُقنَّعة، أو بدون شرف ومنها الدعارة المُقنَّعة، وقد بثَّني صاحبي المُتوعِّك دائما شكْواه، قال إنه لا يستطيع مقاومة إغراء بعض الإشهارات في فيسبوك، خصوصا تلك التي تُعلن عن افتتاح أحد صالونات التَّدليك هنا أو...
اليوم وأنا أسْتلم كتابِيَهْ بيميني رغم أنِّي ألَّفتهُ من المحبرة التي تنْبُض دافقةً في يساري، أشعُر أنِّي تخلَّصتُ من عِبْءٍ أثقل طويلا كاهلي، ألَسْنا نرجوا من كل كتابةٍ ندْفعها لتُلاقي نشُورها، سوى تلكم الخِفَّة في الروح والجسد، وهي أشبه بخفَّة من صار ذنبه مغفورا، فلا أحد ينصرف من الوجود دون أن...
نحن شعبٌ ولا أستثني نفسي من العُشب الذي على هشاشته يكْلأ المتنفِّذون، نُحقِّق حضورنا الذاتي في الغياب، ولستُ أعْني ذلكم الغياب المُسْتَحب الذي يفيد التواضع، وإلا مَنْ تراه في زمننا يملك القدرة على اختيار الإقامة في الظل متنازلا لغيره عن حصَّة من الضوء عساه يتمتع بفرصة للعيش، إنما أقصد الغياب...
1 الإشهار خطابٌ، وأفظعه ذاك الذي يكْتنف في عُمقه تحرُّشاً يُدغدغ الغرائز، ويسْتَدْرِج بعبارات وصور لزِجة بعض الفتيات إلى دُهون وعقارات ووصفات عُشبية سامَّة تدَّعي تكبيرالأرداف، والحقيقة أن الصُّور الإغرائية التي تُدعِّم العقار وتَفُوق بأنصافها النسائية كل تصوُّر، أصبحت تَشْغُل مساحة شاسعة في...
سنةُ تفصلنا عن الانتخابات لنقرِّر هل سنكرر النموذج.. أو نبتكر نموذجاً آخر بكيان حكومي جديد ينقذ البلد من النَّكسة التي طالت بغمَّتها، أمَّا عني فأحبُّ أن أكون حاكما بأمر الآه، أليس العشق سلطانا ويمتلك كل السُّلط التنفيذية والتشريعية بما فيها الشِّعرية على آهاتنا، لذا لا أنصحكم أن تُنصِّبوني...
مُذْ فَقَدْتُ مُقَامِيَ فِي جَنَّةٍ وَسَقَطْتُ مُكِبّاً عَلَى عَرْشِ سَاقَيْكِ مِنْ كُوَّةٍ فِي السَّمَاءِ، كَرِهْتُ الفَوَاكِهَ إلَّا الَّتِي أَنْبَتَتْهَا الفُصُولُ عَلَى حَقْلِ جِسْمِك مِنْ دَونِ تُفَّاحْ مُذْ فَقَدْتُ مُقَامِيَ فِي جَنَّةٍ وَسَقَطْتُ مُكِبّاً عَلَى شَفَتَيْكِ، تَذَكَّرْتُ...
(كتاب الرسائل من خناثة بنونة) تعوَّدتُ أن أكتب رسائل الكفران، وفي مَتْنِها غير الديني أُورد كما في مُوجز الأخبار، خواطر وتأمُّلات تجعلني أقف بين الشَّذْرة والشَّفرة التي قدْ تحلق لبعضهم دون ماء في حالة توفُّرهم على وجوه، ولا أحتاج لمغارات كي أسْتوحي هذه التأملات من الأخيار والأشرار، كما لا...

هذا الملف

نصوص
193
آخر تحديث
أعلى