كنت نشرت مقالة في جريدة المقتبس اقترحت فيها على فضلاء السوريين تأليف جمعية وتجعل هدفها نقل الكتب اللازمة لمدارس من اللغات الإفرنجية إلى اللغة العربية ووعدت أن اشفع ذلك الاقتراح بجملة اذكر فيها نشأة الترجمة في عهد الأمويين والعباسيين واهتمامهم لهذا الأمر الخطير إذ اللغة بالحقيقة لا تنهض وتمد...
هناك مثل شعبي مصري يدور على الألسنة، أحيانًا يُمكن سماعه في مواطن لا يقال فيها، لا تمت له بصلةِ، ولكنها عادة غير مُنفكة، حيث يعمد العقل الفردي على إقحام أمور لا علاقة لها ببعضها داخل نفس النسق، المهم أنّ ” كُل شيخ وله طريقة”، كل إنسان في هذا العالم الفسيح، له طريقة في المشي، لكنة أو لازمة له عند...
خلال العصر العباسي، استطاعت حركة الترجمة، المتمثلة أساسا في أعمال حنين بن إسحاق ومدرسته، أن تثير عدة تأملات حول الترجمة سواء من طرف التراجمة أنفسهم، وهم يواجهون معضلات الترجمة والصعوبات التي تعترض مهامهم، أو من طرف الملاحظين الخارجيين والجمهور المهتم، إلى حد ما، بحركة الترجمة التي تدفعهم إلى...
تبدو مصائر الترجمة في الثقافة العربية الإسلامية الكلاسيكية معاكسة لمصائرها في الثقافة العربية الحديثة/ لا في ساعة الممات فحسب، بل كذلك في ساعة الميلاد.
فعلى حين أن اعتبارات أيديولوجية خالصة ـ ومتضخمة أحياناً ـ كانت وراء مولد حركة الترجمة وتطورها في الثقافة العربية الحديثة والمعاصرة، فإن...
يجعل الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي من الترجمة، اليوم، قضية الفلسفة (ص8) بلا منازع، باعتبارها قناة من بين عدة قنوات أخرى لتقويض الميتافيزيقا وتفكيك بنيتها (ص9)، وكمجال يطرح من خلاله، من جديد، أهم مسألة فلسفية منذ أفلاطون، وهي مسألة النموذج والاستنساخ (ص9). ويتجلى الجانب الفلسفي من الترجمة في...
كيف نترجم كلمة l’intraduisible؟ لن يكون جوابنا بسيطا إذ أننا ما أن نحاول نقل هذه الكلمة إلى اللغة العربية حتى نواجه معضلة الترجمة بكاملها. ذلك أنّ هناك مفهومين عن l’intraduisible يصدران عن مفهومين عن الترجمة: مفهوما لا يكاد يولي هذا اللفظ أهمية، ما دام يضعه خارج عملية الترجمة أو على هامشها وفي...
يخطر ببالي من حين لآخر تساؤل عمّا إذا كان المشتغلون في حقل الترجمة يتضايقون من فضول المتفلسفة الذين يبدون كأنّهم "يستغلّون" هذا الحقل استغلالا بهدف إثارة أسئلتهم ومعالجة مشاكلهم وطرق قضاياهم. صحيح أنّ نقاط التقاء تجمع هؤلاء بأولئك، بل وتضمّ إليهم مشتغلين في حقول أخرى، إلا أنّ النظرة التي ترسخت...
قيمة الترجمة
« قال بعض من ينصر الشعر ويَحوطُه ويحتجُّ له: إن الترجمان لا يؤدي أبدا ما قال الحكيم، على خصائص معانيه، وحقائق مذاهبه، ودقائق اختصاراته، وخفيَّات حدوده، ولا يقدر أن يُوفِيَها حقوقها، ويؤديَ الأمانةَ فيها، ويقومَ بما يلزمُ الوكيلَ ويجب على الجَرِيّ، وكيف يقدر على أدائها وتسليمِ...
نقرأ في مقابسات أبي حيان التوحيدي : " على أن الترجمة من لغة يونان إلى العبرانية، ومن العبرانية إلى السريانية، ومن السريانية إلى العربية، قد أخلت بخواص المعاني في أبدان الحقائق، إخلالا لا يخفى على أحد. ولو كانت معاني يونان تهجس في أنفس العرب مع بيانها الرائع وتصرفها الواسع، وإفتنانها المعجز،...
إذا كان لا مفر لنا من التسليم، بالإحالة إلى القول السائر الإيطالي (Traduttor, traditore)، بأن الترجمة خيانة، فإن الترجمة عن الترجمة خيانة مضاعفة. ذلك أن المسافة التي تفصل لا محالة النص المترجم عن النص الأصلي تتضاعف في حال المرور بلغة وسيطة بين اللغة الأصلية للنص وبين اللغة المترجم إليها.
ولكن...
أريد أن أطرح في هذه العجالة مسألة ربما بدت للبعض قضية محسوما في أمرها، أو، على الأقل مؤقتة، تلك هي المسألة المتعلقة بظاهرة نلحظها اليوم كثيرا في الساحة الثقافية العربية، وهي ظهور ترجمات عديدة لا تنقل النص وتترجمه عن لغته الأصلية، وإنـما تُترجم ما ترجم عنه، تترجم ترجماته وتنسخ نسخه. إنـها، بلغة...
تفتقر المكتبة العربية إلى الدّراسات الفكريّة التّطبيقيّة التي تتناول الترجمة، فقهاً وتفكيراً فيها على أنّها كتابة إبداعيّة، اسوة بالشعر والرواية والمسرح، بسبب دونيّة النظرة إلى العمل الترجمي، التي ترسخ «الترجمة خيانة»، وإعتبار المترجمين منزلة ثانويّة، لا ترقى إلى منزلة الكاتب الأصيل. الترجمة...
يقتحم المترجم ميدانه باحتراس وحذر شديدين. فما إن يتجرأ على التقريب بين اللغات حتى يدرك أنّ مجال بحثه تحفّه كثير من المخاطر، ويتبين صعوبة مرماه وعسر مهمته التي تفرض عليه أن يصون الأمانة في مناخ ليس من المستبعد أن ينزلق فيه المرء ويقترف أشنع الخيانات. ربما لهذا السبب فإنّنا قلما نسمع المترجمين...
لنبدأ بهذا السؤال: هل يمكن تصور كتاب في الفلسفة، مهما كانت لغته، لا يتضمن كلمات أجنبية؟ لا أعتقد أن الجواب عسير؛ إذ يكفي تصفح أيّ كتاب في هذا المضمار تأكيدًا الجواب. وبطبيعة الحال، الأمر يصدق بالأَوْلى على النصوص المكتوبة بلغة الضاد. لا أعني فحسب نصوصنا الحالية، إنما أيضًا المتون الكلاسيكية...
كتب جاك دريدا في رسالة إلى صديق يابانيّ شارحا له صعوبات نقل لفظ déconstruction إلى لغة أخرى:" إنني لا أرى في الترجمة حدثا ثانويا أو متفرّعا بالقياس إلى لغة أصيلة أو نصّ أصليّ. وكما جئت على قوله منذ وهلة، فإنّ déconstruction هي مفردة قابلة أساسا للإبدال بكلمة أخرى في سلسلة من البدائل. ويمكن أن...