حائط شارد
يحتفي بالبروق التي نبتت عبثا
فوق وجه الطريق
إنه عندما احتدم الأمس
وانساب مكتهلا لمصباته
كان حائطنا ينقل الخبر المنتمي
للرجاحة أصلا
عن النجم ذي الهبَواتِ
وقد بات ليلته يستطيل إلى أن
تمعَّج في كفه الكون
أكثر من مرةٍ
وبدا نزِقا
يشرب الزهو من مرح الأرض
حتى الثمالة
في الحقيقة لم أنتبه...
أعطيت اسما أقصى لمدار الشك
نزلت إلى ذاتي
كي أحرز قصب السبق
إلى الماء
لقد كانت معجزتي هي
تلك العتبات الموسومة
بصهيل الأزمنة الرائعة
أنا قبس مرتحل في الأرجاء
ويجدر بي أن أضرب أخماسا في أسداس
كي تنفرج الأرض أمامي
أغلقْتُ بوجه الرغبة دائرة الرفض
وخطْتُ معاطف أسئلة الوردة
أيقنت بأني حين سأخرج أخضر...
حينما حطت الريح
فوق يديه
رأى امرأة تعبر الداليات
وتمشي بسمت الهدوء الوثيق
إلى النخل
عند الطريق الذي كان أغوى الخميلةَ
بالركض في المقبرةْ
نازل من رحى الوقت
نحو البلاد التي دأبت تحتفي
بانتحال المتاهات
أجعل من وجهها وطنا حافلا بالبهاء
سقيت زهور المراثي
وأغريت طين البداية
بالارتكاس الوجيه...
على قمم...
لا فجَّ يواريك إذا عدت
من الأشجان كبيرا
لا خيلَ تباري شمسك وأنت
على دربك تمشي متئدا
نحو مدارك
فانهضْ
كي ينهض في كفيك الدم
وتنير متاهاتك بنبوءتك الثانيةِ
معادنك الموسومة بالإغراء
تنازعها القلق
تدلّت منها الخضرة حتى
صار الظل لها الصاحبَ
وانطفأ الإغواء
إلى أن هطل الفردوس الأعلى ببهائك
فملتَ إليه...
أيها الرجل الفوضويّ
لأنت جميل
تميل إلى الأرض
تشرب نخب البدايات
بين يديك تفيض الظلال
وتشهد أنك واحدها
والرخام العصي على الليل ثانيك
أنت ـ لَعمرك ـ ما زلتَ مكتفيا
باستحالاتك الملكية
كنتُ أُراهن أن الطفولة عشب له
أرَق الماء
كنتُ أُحاذر أن يختفي في الشوارع
سمْت الشجيرات
لكن تذكّرْتُ أن السماء تحب...
كل صباح أتجه إلى فجّ من نسلٍ
لفجاج أرحب من صدر الشرق
لكي أفتح فيه كتاب الطين
وأقرأَ كيف تكون نبوءات الزلزال
وأين البرق قديما خبأ
تاريخ المطر...
أحدّث عن لهب وسَطيّ يعبر كفي
متجها صوب الأمداء
أحاججه
أسبك منه أول لغة طافحة بالأجراس
مداها القلبُ
وظل موائدنا
والأنهار المصفوفة في كبد السهب
تهيأنا...
هزار على الغصن يرنو
إلى حجر راتب
ينفش الريش
يستغرق الوقت أكثر
من صنوه
كي أمام نواظره يسرج الغيمة الحائرةْ
وإذن
من هنا انطلق الماء
يعتام ديباجتيه
ودائرة النار تنداح تحرسه
أنا ما امتثلت
ولكن توقفت حين رمى قدميه
إلى شفة السهب
قد كنت أحمل في داخلي
ظمأً طافحا بالرغبات
أكابرُ
علَّ الينابيع ترأف...
يلزمني في هذي اللحظة
أن أتكئ على حجر دمِث
ثم أشير إلى الأشجار
بمروحة الطين
لكي إن جئت مدار القرية
صرت حماسيا أهتف بشعاراتي
وأخذت أواصل فتح العتَبات
إلى أن تأوي الطير إليها
يغمرني فرح ثمِل بجهات الأرض
لذا حتى أنا أسرج في الكف
بياض الأزمنة
وأظهر مفتخرا بفتوحات الناي
فها هوذا الموج على ثبج الشط...
منذ أن نزلت جمرة الماء
في حبره
قفزت بين أحضانه مدن وقرى
وانبرى كاهن الوقت يغمس أصبعه
في دم الصومعةْ...
كنت في الشط أمشي
على هامتي حط الفراغ
وعينايَ تلتمعان
وفي قدمي يتسلل رعب قديم
شبيه بخيمة صبح وحيد...
أنازع في اللغة العنفوان
وأحكي المياهَ
لديَّ قناديل أُولِمُها الليلَ
من غير ما أسَفٍ
إنني...
ثَمة في الأفْق غبار
أضرم في الطرقات هلاوسه
واحتال على الشجر النائم
حتى ألبسه ثوب النزوات
وأخرج من قفص البحر
جذوته الملكيّة
صار يغار
فقد شك أخيرا أن الأغصان
تثير حفيظته
والزمن المطلول على اللحظة دمه
هو جهة ثانية تأتي الطير إليها
كي تكسر عند النبع
رتابتها الأرضية
اَلآن أغادر نحو الذات
وحينئذ...
هي تنأى بأسرارها
بينما أنت تمسح قلبك بالريح
وتشرع كفيك للفلوات
هناك على الصخر كان الفتى
يسأل الظل عن حدإٍ شارد
في مراوحه خبّأ الطين
وابتلع الشمس وهْي تخرّ
على ناظريه
أنا لم أكن حاضرا
ساعةَ النهر أنشأ يقرأ
طالع القصب المرتدي همسهُ
وينادم نجم اليقين
أنام على كتف الموج
فاحْمُوا الرؤى من عراء...
ساعدتني جموع الفجاج
على الريح
حتى أخذتُ الطريق إليها
يؤازرني الوقت
أجعله في يدي هاديا
وبه أعرف الوجه حين يكون سليما
تحيط به هالة الحمد
جئت إلى الغيم ذات صباح
فأرعدَ
ثم انثنى يستعير البروق
ويركض خلف القباب التي تقع اليوم
في فلك الليل
ما زلت محتدما بالفراغات
آتي إلى جسدي عاجلا
حيث أبدو أقايض كل...
كنت أظن الحائط أقصر
مما هو في الواقع
وأنا أبصره يتلوى
كانت ترحل منه الطير
وتعفي جانبه الآخر من
رقصتها البوهيمية
هو ذاك
ستندلق الغزلان من البيد
وتمضي صوب الغاب مضرَّجةً
بمعاطفها البكر
سيأتي الظل إلى ممشاهن
ويوقظ فيه بادرة الماء،
وحيدا أنهض للعتَباتِ
أشاطر أصّ البيت الدّلَهَ
أجاريه في اللمعان...
إلى نهره
ساق أشهى المرايا
مضى يصطفي سدرة لا تغيض
من الظل
أوقد في وجهه غيمة من سؤال
تعوّد أن يستميل المدارات
كي من صياغتها عن قريب
يؤرخ أشجانه
ويحاكي طفولته بصليب نحيل
وقافية صرصرٍ
أيها الأفُق الكثّ
شمسك ثانية
والغيوم التي تتدحرج بين يديك
يليق بها أن تحيد
هناك جدارٌ لديه جناحان
كان قديما يؤاخي...
أيها الشاطئ الممتطي جذوة الماء
هاك رخام الحفيف
وخِطْ من معادنه جبة الأفْق
واكتب ملاحمك المستديرة
في رئة الأرض
فوق محياك لم يزل النوء
يعرض أعراسه
يشعل الروح بالابتهاجات
والرمل ينوس
ويرغو احتفالا بمقْدم أول نورسة
قد علمنا بأن الخريف إذا جاء
ألقى قواريره الخضْرَ للغاب
حيث يؤثث أسماءه في المدى
يستقي...