مصطفى معروفي

تصعد من طلعته سنبلتان يكون غزالا والنهر كعادته ما زال يذكّره بالأمطار وبالصحراء وفي بعض الأحيان يسوق إليه الشجر الرحب رويدا تحت ثياب الضفة... متئدا أنهض أشرب نخب الأسلاف وقد أنشأتُ أفك الريح من الأمطار الشرسة أخشى أن ينشطر الموج بياتا حتى يسبق للنخل وينتفضَ... أجيء إلى الشارع مطّردا في غاياتي...
حان الوقت لأكتب شجني حتى يخضرّ بمرآتي أكثر سأقول لهم كل بياض سأحالفه كل رماد هو شكل آخر لسكوت الطرقات لكي لا تنهض فيها أحصنة الزمن الشاهق سأحاول إجراء دروسي بوضوح أعلم أن الخيل لها أيضا غارتها المثلى حين تخوض الحرب مدججة بالأسل اللاهبِ إني أتساءل عن كيف حكى الحجر هواجسه لطيور النوء بلا سبب أو...
في المدار الذي ينحني جهة البحر كنت أعاين صومعة كان داخلها لقلق لم يزل يستريب بهيكلها إنه كل ثانية صار يولم أشجانه لبروق السماء ويرسل غاراته بحذافيرها لصليب تشرد سهوا إلى أن تلفع ثوب المدى بمباركة الصومعةْ... حينما أسأل الريح عن غيمتي الوطنية أبدأ ظني بدائرة شاكرا للبحيرات عن بجع غمرته بآلائها...
سفن تبحر ناحية الشرق وتلبس جهة زاهية أبهى من دملج بنت تلعب بين هواءين جديرين بأن ينتسبا لسماء أخرى. ـــ حين أنام أسد مداخل عمري بأساطير الماء وأنصح جفنيَّ بنرجسة تخبئ تحت جناحيها الحلم الموسوم بأزمنة غابرة. ـــ أنا قلق الحبر صهيل الغابِ أجيء إلى البحر من البحر أنا وهج الأرض وتوأم كل طريق يتنفس...
حذِرا سأوالي نصب خيامي سأذرّي البجع الأربد في الغاب كما أثناء عشيٍّ تندلق الريح على جسد النهر وتذهب ضامنة لحياد الطرقات تميل إلى صخب الأرض أنا وفق العادة لم أفتأ أتذكر حجري القدسيَّ وقد ألقيت به تحت رخام الليل فأحيانا أخرج من قلقي لأخيط ردائي بصبي يغرس في دربي الأزمنة المحتملةْ... هذا غيمك...
أشعل قاموس يديه في الماء تدفق في رئتيه هواء الأرض فقام إلى معدنه متئدا ورمى الأقلام على عجل ثم مضى بمراياه شطر الفلوات يعلمها من أين يأتي الضوء رأى كوكبه العاشر يصهل أخرج من كمّيْه الأقواس علانية فكّر في تأويل الطرقات الهابطة إلى الميناء واستأنس بهلام الريح يذرّيه على صدغيه حتى يتململ في ناظره...
وأخيرا رضخت لسلاسله هي موجته المطلوبة معه الآن ستعقد هدنتها ستكون له دربا يكسر فيه عزلته وتجيء إليه الريح فتطعمه فاكهة النأي تقلم بذلته برفيفٍ لطيور نادرة لا غيمةَ في الأفْق تراها فتراجعك ولا ظلَّ تفيء إليه متشحا بنداء الأزمنة فكن أنت البدء على هامتك الغاب يفيض أيائلَ سوف ترى أن مساءاتك كانت...
كل ربيع هو لي نافذة فيه أنشر راياتي كل طريق حاذى ظل الشجرات هو سؤال يتغيى أصداف المعنى في منحنيات النص وكان الشيخ الجالس جنب حفيدته يتذكر حرب الزنج يصيب التأويل إذا أخذ التاريخ وسار به لعراء الأرض حكى للطفلة عن خنفسة كانت تنوي سفك دم الريح مناصفة مع الديك الحبشي لقد علمتْ أن مويجات البحر العليا...
"في المدارة سرب من العربات الوطيئة بالقرب منها ذباب يطنّ" يصيح الفتى هكذا بين كفيه كان يحاصر مروحة من زبدْ طائر فوق سطوح الرياح يمارس نقل أغراضه للفجاج ويحذر أن يدخل البرج كي فيه يسرج أروقة الطيف تحت صدور الحمام (متى سلم الليل قوس النهار إلى حانة ثم سار إلى ذاته؟) أنت بين الصعود وبين النزول...
وجهي للنخل سماء يشغلني الوقت فأعلن فيه سفري نحو الأعتاب هناك أخط مدارا للهامش ثم أرنُّ كسنبلة قادمة من وسط لامرئي أجلت مراثي الغيم إلى المنتصف فمذْ أن نهض الحجر الموغل في التيه مضى يشرح لي ما هية الغزو رأيت على كتف النبع حبارى يتأمل سحبا تتثاءب ناوية أن تقضي الليلة سهَرا تشرب نخب الآفاق...
صائد الحدآت يعري نواشره في المَطالع في جبهة الماء يقرأ أعماله مستعيدا بهاء الشموس التي ناصرت حنطة الحقل ثم إلى البحر ألقت غدائرها سأرتب نومي قليلا وأفتح قفل البروق تماما كما لو يزكي مقاصدها الحجر المتأنق سوف أراعي الطريق إلى الاحتمال الوجيه وأبدو كخيط من الدفء متسعٍ لغزال شريدٍ يداي خريف يمر...
سيمر علينا بوداعته سيمرُّ ويلقي الماء تجاه تويجات الورد يعانق هاجسه الرحب ويغلو في العام القادم سيقوم بعدّ الطرقات كما سيغير على حجر قرْب المعبد ثم يعيد إلى قارّته ما يتناثر من قلق الأرض أراهن أني أعرفه كان بِمسك الليل يقود خطاه له الآيات ثلاث: مشجرة الماء وضبح الخيل والقبر الحامل لبياض...
تلك الغيمة شربت نيران الطين ولم تعشق من رحلتها الالفية غير الميل الأول تشتاق إلى النوء فهو من أرشدها لبوارجه منتصف العام وألبسها عاصفة تشبه بجعا يكسر اثناء الليل مزاليج التهدئة تحط على شفة الكهف عصافير الملح وفي الجهة القصوى للبحر تنفض عنها صخب الأمداء وتلمع ثم تسير برغبتها حتى آخر دولاب في...
حارس الصومعات العريضة أصلح ناشز ياقته واستنام إلى الظل ذاك الذي اختارَ أن يتجاور والمقبرةْ يلعب الطفل بالباب ينتظر الأرض أن تستعيد طزاجتها قبل أن ينبري عاشقا للرياح ويمشي إليها أميرا يداه بريدان للماء أعمق من سمائهما شهقة الأفْق حين يغيم يسار المنازل كنا حططنا الرحال ربحنا البحيرات ثم صبغنا...
حجر ذاهب لحضانته قصب يتثاءب في النهر صليب يقبع في الدير قريبا من منسأة الكاهن لا نافذة تحمل لك في الغد سنبلة في رأيك كان البون كبيرا واتسع الحبر إلى أن أصبح مأدبة لفراشات مائةٍ أبهرك لمع الحدآت لدى النبع وملت إلى ظلك تسأله عن حمإ الغايات وعن نجم يأفل في الأسبوع مرارا وأراك الآن بدون زهور تتنسك...

هذا الملف

نصوص
1,086
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى