مصطفى معروفي

أقساطا أقساطا صرت عمودا من ماء شملتْني الأنواء بحاضرها فتصورت كأني أخرج من صخب الحبر لأدخل دائرة الأسماء العليا كحصان نتأت من حافره الطلقةُ ثم انساب إلى النبع ليعرف ما هي صيغة طالعه... أيتها السيدة المسكونة بالرفض لك الغيمة ذات الرأس المورق لك مطلعها حين الفصل يكون ربيعا فوق محياه تقيم سلالات...
سوف أُصغي إليك مليا فحدّد متاهك وانْطقْ هناك خراب جميل عليك إذن أن تجيء إليه وتحرس فيه دم الناشزات من الطير إبّان نضج المواسم سوف أكون نبيها وألبس أحلى المواقف حيث أرش بعطفي الفراسخ حين تشيخ على الطرقات وأكبر مرتبطا بالمسافات ذات الرحابة يشتعل الكرْم بالعنب الأريحي اللذيذِ تضيء العراجين في كبد...
تعاليْ هنا وامسحي شعَر اللغة السبط ثم انسكبي ألقا ريّق الوجه فوق القراطيس يا مرأة بزغت من رخام البدايات يا أرق الخصب ينساب بالشوق في جفن سنبلةٍ ومدىً حافلا بمرايا الخليقة، خضنا البراري التي سلفتْ فأتانا الرماد العظيم بأسمائه وانثنى سالكا سبُل الهارعين إلى الليل يخفون في ثوبه لهب الأصدقاء وروح...
أخذ الدولاب إليه رائحةً تشبه رائحة المصباح ينير الشارع في الجو الماطرِ هذا ما يتذكره الرجل العائد للثكْنة من منزله عيناه عامرتان بنخل الله وفي الجسد تمطّى صهَد اليوم، قبيل غروب الشمس أحب صليبا يحضن سنبلة يركض فيه الظل من الرأس إلى القدمين (متى كان جنون الوردة سمةً لبحيرات الأشجان؟ وهل في اليد...
كان ينبهنا لمساءات أخرى ويساعدنا في تسهيل المشي إلى سلسلة اللهب الناعم من أجل أحبتنا ذاك هو الولد المجبول على خوض الطرقات العذراء يناجز حجر الأسلاف لكي يوقد في الورق ملامحه الغجرية حين شرحت أصول النبع سموت بكل الأعضاء إلى سرب كراكيه أسأله كيف تعلم فن الرقص وطار إلى قمم الريح يخلّد ثَمَ...
تلك الطرقات الممتدة في المدن المخمورة ما لبثت أن صارت من عددي ذرّيت مناكبها أثناء الليل إلى أن نهضت أمما تشرق بين فجاج الأرض وكانت رائعة حد التخمة إني رجل أتئد إذا صرت قريبا من كمإ تغريه مجالسة السهل أحاول أن أبقى متزنا وأنا أمتشق الخطو إلى النبع أراني سأحث الحدآت على الطيران المبهر دون رجوع...
عند الشق المائل من حائطنا ثَمة حجر يصغي للريح يطيل النظر إلى الشرفاتِ ويقْدر أن يجمع في كفيه أقمارا هائلة اللحظةِ أحيانا يندلق الظل من الشجر القائم نحو قدميه علنا يملؤه الزهو فتنهض بين يديه الأقمار الخضراء لتصنع من حمإ العشب له دولابا غجريا تحرسه مرآة بعيون يقِظةْ... في الطرقات جرى الليلك يحمل...
وقد داهمتْه المسافات ألقى إلى قدميه الفراسخ وانسلّ نحو طفولته يبرئ الشجر المترهّل في المدن القائظةْ تنزل الطير تحت خيامي فأشعل في النبع أعيادها الموسمية قد أحتفي بالسنين المطيرة أترك آخرها قمرا نابضا في الجباه يؤوِّل طعم النبيذ الذي حين يتقد الوقت فيه يصير هلاما يدل أصابعه المورقات على...
دأبت تكتفي ببعولتها ثم راغت إلى قصب ناشئ في يمين البحيرة أعطته قسْطَ رغاء وقادت خطاها إلى العتَمةْ إنها غيمة جمحت في المدى هرعت تنتقي للبيوت صهيل الظلال نالت صدى لافِتا من جميع الجهات ملكْت رفيف البدايات أعطي الأيائل تبر الغضا ومعي الاحتمال سأشعل في الشجرات معاطف فتنتها أستميل الهواء الشقيق إلى...
وجهي نهر يتحمس في نزعته للخصب لذا هو يمشي متشحا باليقظة صوبَ قُراه زوجتُ الأرض بفردوس غضّ وغبطت الغابة حين سعت للخضرة ، معجزتي أني لخريف العام وليٌّ أصنع بين يديه قوارير الريح وأرسل ناياتي تتفقّد شأن المدّ إذا حاق بمدخله وحدي ما زلت أحقق في قلق الحجر الأعلى حيث ظننت اللؤلؤ يغتنم الفرصة كي يعلن...
شجر الله متسع في بلادي وسمت الجبال له آية كل سفح بها ما يزال يوطد سلطته ويرتب أوراقه هو خفق الطفولة عاين صاحبُهُ كيف أبدى البياض ميولاته للصعود إلى الشرُفات التي تقع اليوم وسْط جفون المدينة ألقي موائد صمتي حثيثا إلى الداليات أفوّض خام الأمور إليها لعلي أتيح لناشئة الليل أن تستعيد بدورا لها سقطت...
وإذنْ حدثني عن أبراجك ولماذا جئتَ إلى ظلك تسعى غرقت فيك الأشياء فسميتَ مواقيتك غزلان الملح أضأْتَ خطاك وأسْرعْتَ إلى الريح تخبئ بين ضفائرها دم زلزلة عاشقةٍ ألقيتَ إلى الليل قميصك وجلبت له الأقمار العظمى كي يلتفت المرةَ تلو الأخرى نحو عواطفه محفوفا بكتاب الأيام وأرق الخضرة في مرج ساجٍ متكئا...
لا غيم يصب مناسكه فوق براح الأرض ولا جهة يصهل فوق أضالعها حجر يفلح في ربط الأنهار بغلْواء العشب على أعتاب يديه... أسمي الحجُرات مزاليج الرغبة أنزع عنها القدْسية حيث أجيء إلى قمم الريح وأنفخ فيها معجزة الرفض لقد كنت صبيا يشرب نسغ اللؤلؤ من قدح الليل يريد السير إلى شجر النار ليسأل عن نهر يجري خلف...
يكتشف الطائر وجها من أوجُهِ رغبته يقفز بين هواء وهواء ويغازل ريحا تعشق لون مراوحه بايعت الأغصان لتغمره بهدوء يسكن جذر جناحيه وأرتْه ملكوت الله الشاسع منتشرا في يد سنبلة والنخل بدا حييا يسطع غير كسِيفٍ... حين بدأت الرحلة كان النهر يضيء على ضفته انتصب العشب يفيض إلى الأذقان وأردف ينهض في فتنته...
تساورني خفقة البدء أعتمر السنبلةْ... سادن الماء باح بسر الجداول ثم انتهى حارسا للمراعي الصغيرةِ أوْقَد إصبعه في كهوف الصباح وأجّل فتق ثياب المساء إلى موعد عابر بعدها صار منبهرا بالموانئ حيث تأملَ صورته ثم غادر نحو البحار العتيقة فيها يزرّر معطفه بالقواقع داخلَ عاصفة يافعةْ... في ليله...

هذا الملف

نصوص
1,086
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى