مرحبا بالغياب
بما أنه أحن الرجال رغم قسوته
يضمك على حين غفلة
و يكثر من اللهفة ل لقياك
في زمن قل فيه الرجال.
مرحبا بالغياب
في زمن هروب اللقمة من فم الأطفال
و اشتهاء رائحة الخبز الطازج
ياله من جحود للإنسانية
مرحبا وأهلا بالغياب..
عن روح الحياة
و كتم نور الشمس عن الجسد الضامر..
عن تخمر اللمسات
عن...
شوق ما يشدني لترابك
الممتزج بالدماء الضاربة في العمق
و المتراخي على ضفاف النهرين
ك صبية مدللة مغناج
قلبي يصبو للقياك
و من بعيد يهتف ل ناسك الممتلئين بالمحبة
و خليط متمازج من الحزن المعتق بزهر النخيل
قالوا ربما أن جذوري تمتد إليك
في بقعة خلف الحدود
ف أجبتهم أن كل من جاور نهريك
لي أهل
كأننا من دم...
عوالق الطفولة
ترسل مقتطفات ضوئية
فادي الشاب الفلسطيني هرب من قريته
اختبأ في ليالي الجبل القريب من يافا
ليضرب عدو بلاده كلما سنحت له فرصة
و يوجع من اغتصب البرتقال
كم شاركته برده ليلا"
وكم غصت عيناي في وداعه لأمه.
و كبرت طفولتنا
و مابقي من الحكاية غير رائحة البرتقال
وكم كنت أتحسر لتذوق حلاوته...
-1-
وجهك كتاب..
و أنا قارئة بارعة .
تتلهف لقراءتك عيناي و شفاهي..
نلتقي في صور
و أصابع ممدودة من أطراف أعيننا.
و نداءات ...
تقافزت ك أرانب بيض وبنية،
من حياة إلى حياة.
بين روحينا حكايات الجدات..
وسحر غربةو عتمة..
نبيذ قلوب مختمر..
سحر شيب منك يغزو قلبي.
لاتكتف الكلمات منك
ولا أكتفي أنا من...
قبل يديك و صوتك ..
كان وجهك المشرق كوجه أمي يلاقيني..
أراه ابتسامات أطفال على طريق المدرسة
غير آبهة بالبرد؛ و لا حتى بصعوبة امتحان..
صادقة المنبع و العطاء.
و كيف لقلب سيجته التقاليد..
ألا يبهجه وجه كطبق من زهر اللوز.
صار قربك..
حلم الدفء والسكينة
و ابتسامتك زمان خارج من إطار التقليد
ذات يوم...
كلما تحدثنا كتابيا"
بلا أصواتنا العارية..
ترتسم الحسرة في عيني
وابتسامة يتيمة باردة
و دموع تبلل خبز الروح ..
جوع ..
ثم اكتفاء بكسرة جافة
غلفتها طبقات من العفن...
حرب...
تندلع حرب خامدة
ثم مبادرات تليها اتفاقيات
مليئة بالعيب ..
والخوف من ثرثرة البشر...
لنتفق إذا" على تمثيلية السلام.
نرضي بها بني...
الليل لي..
و أرقه شغفي.
أفتح (طاقة )في النافذة المغلقة..
أسترق النظر للنجوم الهاربة من الصيف
أرى نجمات الميزان الثلاثة في تأملها الثابت..
ف تحملني بابتهالها..إلى دار جدي
بليلة صيفية..
أغوص في نعومة (التبن) الذهبي
و أنا أوزعه في مخزنه..
تشع سحرا" و حلما"..
إنه الليل ...ملكي وحدي ..
لا تهزمني...
تعشقه..
لكن غرامه مواسم الهجرات.
يقول : أنه لا يثق بشجرة.
أما قلبها..
ك ذاك الباب نصف المخلوع
لا هو يغلق
و لا هو مفتوح
و ينتظر.
يرفض سماع نبضه.
يريد فقط سماع صدى : أحبك.
هو ك عادته؛
لا يسمع نهيجها.
و هي كعادتها تخرس صوتها بأصابع يدها
في الضحك و البكاء.
هو يخشى أنفاسها؛فتكتمها.
يدعي أنه مهاجر...
أشتاق لرقرقة الفرات الصباحية
بصورة من صديق.
لضحكاتك الغير مدوزنة
لطائرة ورقية نهضت من رواية قديمة
ل رياح( كانت) عاتية اللطف
لانتظار خلف غيوم الخريف كل سبت
لموعد غير متفق عليه...
** ** **
قلبي المُدَّعي بالجهل..
أصبّح عليه بالحروف؛ فيرفض.
أكوّم له الأدعية، و بي يهزأ.
أسكبُ له...
جدي أغلق الباب الخشبي علينا
نحن (البنات).
المفتاح الحديدي الكبير بيده
و بأيدينا حلم صغير..
يقتات على عتمة آخر الليل
و الضوء المسروق من زاوية النافذة..
و ضحكات مكبوتة
و دموع خرساء.
مات جدي.
تزوجنا نحن البنات ،كلنا
تآكل الباب الخشبي
وانهدم الجدار الحجري..
وغطى التراب كل العتبات..
بقى حلم صغير...
يهزمنا الجسد و التوق
في حضرة عشق غائب.
للبعد أبواب موصدة ،تتفوق على أقفال
سجوننا اليومية المتداخلة،
و أرض حاقدة مبذورة بالمسامير الصدئة..
يسير عليها قلبي دامي القدمين.
**
و أنا التي نهضت من تلك الأرض
ألهث إليك في أرض المعركة..
لا يوجعني الرصاص ، و لا نداءات الاستغاثة...