لم يكن أبي نبيًّا
كان أبي ابتسامةَ اللهِ في وجوهِنا
حين نسمعُ أطفالَنا يصرخون،
وهم ينزلقون من الرحم.
طفولتي طعنةٌ غادرةٌ؛
ولذلك أنامُ بنصفِ عينٍ
ثمةَ نارٌ هائلةٌ
تنتظرُ أن أستغرقَ في النوم
منذ رحلَ أبي.
أبي لم يمت
مازالت روحُهُ معلقةً في خُطواتي،
وأقدامي عصيةٌ على الكسر،
وإلقائي في البئر محاولةٌ...
في الطريق إليكَ
نسقطُ في حُفَرٍ مملوءة بالضحايا
في كل سقطة تتغيَّر ألوانُ القلب
ونضيفُ لقائمة الذكريات كابوسا جديدا
لكننا نكدحُ ونثابرُ لامتطاء أمواجٍ عاتية
لانريدُ أن تتساوى الكفتان
من أجل الوصول إلى أبعد كوكبٍ
ولأننا نعرفُ معنى البهجة
تفيضُ من أظافرنا أنهارٌ
ونحن نشقُّ صخورا تتوالدُ
كلما...
أيتها العزلةُ رفيقتي الأكثرُ جمالاً
كم أنتِ رومانسيةٌ وحالمةٌ
كنتُ غبيا لأنني أخطأتُ طويلا
في ترجمة الموسيقى المعفرةِ بالأشباح
المصاحبةِ لبهاء حضورِكِ
أنا بحاجة لاكتشاف الظل
والمِساحاتِ المهملة في المنطقة
الرماديةِ من قلبي
بحاجةٍ لعدمِ حصر الخَسَاراتِ
إذا أضرمتُ النارَ في هذه الكراكيبِ العفنةِ...
أنا تمساح قديم
لم أخطط أبدا لوجباتي
الضحية كانت تتوسل
أن أقضمها قطعة قطعة بلا رحمة
روحها البريئة تنسحب ببطء
وروحي الشريرة تذرف الدموع
بعد خروج آخر نفس فيها
أنا الآن أسد عجوز
لا أقوى على إحراز هدف
في مرمى غزالة صغيرة
الأرانب حينما أرادت
أن تعبث معي لتتسلى
صنعَتْ حفرا عميقة تحت قدمي
حتى الفئران...
رجلٌ مهجورٌ في حجرة مهجورةٍ،
يرافقُه في هذا العزل حبيبةٌ كالدُّخَان،
وخيباتٌ، وأحلامٌ بديلةٌ
يرسم مِشْبكا في خصلتها،
أصابعَ صالحةً لجلسات المَسَاج،
شعرةً غائرةً في السُّرَّة،
شامةً على كتفها الأيمن،
وشمًا على كتفها الأيسر،
يمكنُكَ الآن أن تجلسَ أمام اللوحة،
وتحكي لها كيفما تشاءُ،
وتعاشرُها كلما...
حتى وجهي حينما أنظر في المرآة
أتعرف عليه كعابر سبيل
ثمة وجوه مستعارة لاحصر لها تتوالد منه
في المنزل تتفكك أعضائي وتختفي
وحدها الرحمة تجبرها على التماسك
عندما تسقط دمعة مفاجأة من غيمة
تخمش قلبي بدفء
الدفء الذي قضيت عمري
أبحث عنه في ظل عائلة
تخطط لقتل أبنائها واحدا تلو الآخر
في حضن امرأة أغادرها...
أن تترك قطرات بيضاء
بين فخذي شجرة
ليس كافيا لمولد نبي
*
أن تسقط أسنانك
من أول لطمة للظلام
يعني أنك هش
ولاتستحق أن تنتمي
إلى هذه الغابة
جريمتنا التي صنعناها ببهجة
*
أن تتواطأ مع طلقة
استقرت في قلب قصيدة
فأنت جاسوس على
زنازين الملائكة
*
أن تخرج المنازل رقابها كالإوز
للثرثرة طوال الوقت
عن نظرية...
كلُّ شيء يتجهُ إلى الظل
لم نكن منصغين لأجسادِنا
أطعمناها لحوما نيئةً
ولأننا أخطأنا في فَهم رغباتِها
تآكلت أرواحُنا ببطءٍ
وخرجَت من قلوبِنا ذئابٌ عمياءُ
لم تشبع إلا بنحرِ أبنائِها
تموتُ أجسادُنا في الغالب
دون أن تتعرفَ على رائحةٍ تتشابكُ معها
الأجسادُ لغاتٌ معدومةُ الأبجدية
لكنها تفاجؤنا -نادرا-...
هل أنتِ عاطلةٌ مثلما أنا عاطلٌ؟
يمكن أن نقفَ سويا
في نفس اللحظةِ على شاطئ المتوسطِ
ونلوِّحُ للنوارس وللسفن العابرة
سيكونُ هذا كافيا لالتقاط السَّكِينةِ
يكفيني أن تنظري لماء البحر
سيرسل سحرَ الهالةِ الملازمةِ لابتسامتِكِ
وأن تهمسي للرمال
لأشاهدَ جسدي يتفكَّكُ إلى آلاتٍ موسيقية
مع أوَّل ذراتِ...
نحن لانحتاجُ إلي السبعةِ آلافِ لغةٍ
كي نتحدثَ مع الحيواناتِ والنباتاتِ
أقدام العالم أصيبت بالشلل
علينا أن نتحلَّى بالشجاعةِ
في التخلُّص من الهالوكِ في حياتِنا
حتى وإن غادرنا منازلَنا إلى الأبد
حتى وإن تركْنا أعمالَنا
واتصفنا بالأنانيةِ الجذابةِ
هناك منازلُ من الورد تنتظرُ
وابتساماتٌ من الياسَمين...
لنعتذر للحياة
لم تعد قادرةً على التنفُّس
يجب أن تتوقَّفَ المصانعُ والسياراتُ
عن إتلافِ رئتيها
على المنازل أن تكفَّ عن الضجيج
على الأبناء أن يخفِّفوا الغبار عن قلوب آبائهم
على الزوجة أن تكون بديلا عن المصابيح
وتكفَّ عن مواسم الهجرة الداخلية
على الزوج أن يتعلَّمَ لغةَ الأسماك
وألا ينزعَ...
لا شيءَ يُلَوِّحُ في الأفقِ بحدوثِ أمطار
الكوبُ فارغ
وانتظارُ الموتِ جريمةٌ
وقلبي يقتربُ من سقوطِ أسنانِه
في الثواني الأخيرةِ من انكسار العالمِ
في هذه الفجيعة
في هذا الألم الصامتِ
أمام دموع الشوارعِ
وحدادِ المقاهي،
أمام النوافذ العمياءِ
وأشباحِ المدنِ
لست متأكدا من نهاية الموسيقى والغناء
لكنه...
يبدأ النص بأصداء من حياتنا الآسنة فى هذه الايام، فجيعة وانكسارفى العالم، وحداد فى المقاهى والأسواق، ولكنه الشعر حين يمس هذه الأصداء الآسنة؛ تتحول إلى الاستشراف، إلى الجمال، والعودة إلى الحب، والذكريات، والتطلع إلى جمال الحبيبة الربانى، والذى هو حقا من هدايا الإله، أحببت تشبيه الحبيبة، وجمال...