محمد مزيد

كلما ضاق صدري ، وتوقفت لديّ ، حاسة الجمال والأريحية ، أركب دراجتي الهوائية وأنطلق الى مرقد " السيد برهان " لأجلس في حديقة المقبرة الواسعة ، حديقة غناء جميلة وارفة الظلال ، جذور أشجارها ، اتصورها مغروزة في صدور الموتى ، هناك اتأمل الجمال والطبيعة والبشر الذين يزورون موتاهم . في هذا اليوم ، كنت...
لا أحد يعرف قصة هذه السيدة التي نصبت خيمتها عند باب أحد مقار الوية المشاة ، طلب منها أحد الحراس بالإبتعاد عن مدخل الباب ، وقال لها أخاف أن يعاقبني الآمر إذا شاهدك جالسة هنا فقالت " يمه آنا زاحمتك على لكمتك " . وعندما مرت سيارة آمر اللواء خطفاً ، أنتبه الى وجود خيمة تجلس في داخلها سيدة يفوق...
نقلني آمر اللواء الى الحجابات ، على نهر الحويزة ، مقابل العدو الأيراني بمسافة 400 – 500 مترا فقط .. صعدتُ الى الدوبة ، مكان تموضعي ، فتعرفت الى أشخاص لم أجد مثلهم في حياتي أبدا ، وقفت في منتصفها ، في ظلام الدوبة الحالك ، ، الظلام ضروري لأن المسافة قريبة بيننا والعدو ، ويمكن أن تُرصد اي حركة فوق...
يجلسُ هوبي هناك على العجلةِ المتروكة ، يطيلُ جلوسه بإنتظار تلك المرأة التي ترتدي عباءة يخرج منها سّاقها البيضاء. لا يعبأ بالناس ، ولا يهتّم به أحد . أمه وأخوته الثلاثة تركوه لإعتقادهم إنّه نصف مخبول نصف عاقل . قال عنه الأخ الأوسط ( وهو نائب ضابط هرب من الجيش اثناء حرب ايران ) إن هوبي سيعقل...
فكت قبضتها عن ذراعي عندما أدخلتني الحمام بعنوة ، وجدت نفسي في الظلمة بعد أن أسدلت الستارة البنفسجية التي تفصل الحمام عن باحة الحوش الصغير . أرتبكتُ ، هذه هي المرة الاولى في حياتي التي أرغم بها على الأغتسال خارج منزلنا، ولايمكنني مخالفة أوامرها ، كنت صغيرا لا افقه الحياة ، عمري في الثالثة عشر ...
ها هو يتبعها وهي تقود سيارتها ، ترتعش أصابعه على مقود سيارته ، انه ينظر الى تسريحة شعرها ، خرجت من الشقة بتسريحة ذيل الحصان ، لا يدري متى غيرتها بهذه السرعة ، ها هي الان ينساب شعرها الذهبي على كتفيها، يعرف انها نادرا ما تنظر الى المرآة الامامية، ولن تتمكن من معرفة التفاصيل الصغيرة في السيارات...
صعدنا الباص ، أنا وهي ، باتجاه البصرة ، في واجب صحفي . أنا المحرّر وهي المصورة ، هدفُنا ، نقل ما خلفتّه حرب السنوات الثمان على هذه المدينة ، التي شبعت قصفاً وعطشاً وحرقاً لنخيلها وأشجارها وتجفيفاً لاهوارها المتآخمة لضواحيها . أقتنع مدير التحرير بإرسالها معي ، في هذا الواجب ، بعد أن أخبرتُه إننا...
وجدت نفسي ذات يوم أعيش في قلعة محصنة محاطة بسور كبير لايمكن تسلقه ، مغلقة الأبواب على مدار الساعة ، فلايمكن الخروج منها، الا بالارتقاء بمراتب الولاء للقوة التي تتحكم بها ، ثمة في القلعة حجرات عديدة ، فيها نساء ورجال وكان علي أن أعيش فيها سنوات من دون أن أرى العالم كيف يجري خارج سورها ، وكان من...
دخلت المرأة الى المرقد ، كان فارغا ، يندف الثلج منذ الأمس ، فيما يبدو لي إنها لم تنم فيها المرأة ليلتها ، وربما تقلبّت على فراشها كثيرا بإنتظار الصباح حتى تأتي الى هنا ، وسط هذا الجو الرمادي ، حيث يصعب على المرء اجتياز الطرق المغطاة بالثلوج للوصول الى المرقد . جلست المرأة عند رأس الولي المدفون...
تمت بيني وبين أمرأة جميلة سوداء ، مطلقة ، عمرها ( 24 ) عاما ، تعيش مع والدها الذي يعمل وزيرا في إحدى دول افريقيا ، دردشة عبر الفيسبوك ثم عبر السكايب ، وبعد أن تعمقت العلاقة بيننا وجهت لي دعوة لزيارة بلدها ، تصورت أن الامر مجرد مزحة وطرافة ، لكنها حين بعثت لي ببطاقة الطائرة ذهابا وإيابا، محيت...
لدى الارملة البيضاء الجميلة ، خادم شاب أخرس ، هو أبن حارس مزرعتها التي ورثتها عن زوجها ، توفي الحارس قبل سنة بحادث عرضي بعد أن نطحه الثور في بطنه اثناء اقتياده الى البقرة الوحيدة ، ومن باب العطف والحنان وأحياء ذكرى الحارس الوفي ، أبقت الأرملة أبن الحارس الشاب الاخرس في خدمتها .. هل أخطأت حين...
لمحتُ يد الشقراء عن بعدٍ وهي تلوح لزوجها الجالس بجانبي ، كانت تنشف شعرها بحركات يديها، بعد خروجها من البحر . أحزنني استلقاء الرجل ولا أباليته أزاء دعوات زوجته المستميتة لينهض من كسله . سبب حزني أن زوجته شابة جميلة ، تبدو إنها تريد أفهام آخرين كانوا يبحلقون بجسدها ، كأنها تحاول ردعهم بالكف عن...
تجلسُ أمامي ، امرأة جميلة جداً . وحدنا في الترام ، لا أنظرُ إليها ، ولا تنظر إلي ، نراقب تصرفات بعضنا البعض . هي في الأربعين كما أتوقع ، وأنا في الخمسين كما مثبت في جواز سفري . هي لديها زوج وأولاد وبنات كما أظن ، وأنا لدي زوجة واولاد وبنات كما أعرف . الترام ذاهب الى آخر محطة . تجاوز منطقتي...
عندما عدتُ من الأسر ، بعد عشرين عاماً ، علمتُ أن أمي ألتحقت بأبي في وادي السلام ، وتزوج أخوتي الثلاثة الأصغر مني ، توزعوا على الغرف الثلاث في بيتنا في مدينة الحرية شمالي بغداد . كنت أتصور إنهم سيفرحون بعودتي ووجودي بينهم فرحاً كبيراً وإنني عدتُ كأخ كبير لهم بعد معاناة مميته أمضيتها هناك في سجون...
بينما كنت أراقب هبوط الأشجار الى الوادي، وأنا أتأرجح داخل السيارة التي صعدت بنا مرتفعات الجبل الذي يحاذي مدينتي ، وجدتني أتلفت ، بغير هدف ، الى الصديق، الذي أوكل اليّ مهمة أنسانية . أستفهمتُ منه ، عن طبيعة العمل الذي سأقوم به ، في مزرعة المشمش . فأكد لي بأنني أفضل من يقوم بهذه المهمة ، بسبب صغر...

هذا الملف

نصوص
151
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى