فوز حمزة

قال لي بائع التذاكر: - أتذكر أني رأيتك البارحة هنا .. أليس كذلك ؟ - نعم . لقد وصلت المحطة متأخراً .. فاضطررت لتأجيل الرحلة لهذا اليوم .. قاطعني مندهشًا: - ألم تسمع نشرة الأخبار .. ألم تقرأ الصحف؟ نفيت بهزة من رأسي لكنه لم يمهلني طويلا إذ قال وكأنه يسرد فيلما شاهده في السينما: - ليلة البارحة وبعد...
طال وقوفي أمام شهادتي المعلقة على حائط الصالة الوردي الذي شهد معي مرور السنين وتلاحق الفصول ورتابة الأيام شهادة اتقنت بها المحاسبة لأواجه بها الحياة والتي بدأت حسابها معي منذ خمسة وعشرين عامًا حينما قرر أبي القادم من دولة مجاورة الارتباط من غجرية رآها تغني وترقص في حفل زواج .. عيناه حينما وقعت...
في هذه اللحظة بالذات .. تمنيت أن يتوقف الزمن دقائق فقط لأستعيد فيها توازني وألتقط فيها أنفاسي فأنا لم أكن مستعدة للمشهد الذي أراه الآن أمامي .. النهار في هذه اللحظة معبأ بشمس الربيع كما كان النهار الذي غادر فيه .. سرت خطوتين باتجاهه وأنا أرجو الله أن لا يكون هو .. يا لي من كاذبة !! توقفت...
توقفت بسيارتها عدة أمتار بعيدة عني ثم رجعت للخلف لتسألني: - أين وجهتك؟.. قلت لها: - إلى ساحل مدينة بورگاس. أخرجت يدها تدعوني إليها قائلة: - سأوصلك في طريقي فأنا أيضًا ذاهبة إلى هناك. سألتني بعد انطلاقها وإغلاقها للمذياع في سيارتها: - من أية مدينة أنت؟.. - من صوفيا. هواء النافذة بعثر شعرها...
حينما مررت يدي بين طياته وشعرت بملمسه الحريري .. أغمضت عيني لأسمح للذكرى في حملي بعيدًا .. كأني مسافرة في قطار لساعات طويلة .. كانت المرة الأولى التي ارتدي فيها فستان أخضر اللون يزين خصره حزامًا رفيعًا وزهورًا صغيرة سوداء منثورة عند الحواشي .. لماذا تأخرتِ ؟ .. سألني هذا السؤال وهو يمسك...
حينما طلب مني رئيسي في الصحيفة التي أعمل فيها أن أكتب قصة عن السلام .. ضحكت في سري .. أي سلام أكتب عنه وإلى جانبي على السرير ينام الخصم كل ليلة .. متسلحين أنا وهو بكل ما من شأنه أن يهزم الآخر؛ عيوننا مشغولة بمراقبة بعضنا و أذاننا تسترق السمع لمعرفة ما يخبئه الطرف الثاني .. ألسنتنا مشحوذ...
بعد قرابة العام على انفصالي .. وصلتني رسالة عبر الواتس آب من ذلك الرجل الذي كان يومًا ما زوجًا لي وأبًا لأطفالي يدعوني لطي صفحة الماضي والعودة إليه ثانية للبدء من جديد .. وضعت يدي على خدي بعد أن اعيتني الحيلة في معرفة المصدر الذي يزوده برقم هاتفي كلما استبدلته. أغمضت عيناي وتنهدت بقوة وكأن...
حينما عزمت على كتابة مذكراتي .. طرأ على بالي سؤال : من سيهتم بقراءة مذكرات قاتل مأجور سيعدم بعد أشهر .. لم أعثر على جواب لكن وجدت أن الوقت الذي أمضيه في الكتابة سيمنع عني التفكير في الموت وما سيحدث لي بعده .. هناك سبب ثانٍ سأخبركم به في نهاية المذكرات. اسمي طه الأسمر .. لا أدري هل هذا اسمي...
نادتني موظفة البنك بعد ساعة من حضوري لأستلم المال الذي ما أن رأيته حتى غمرني شعور لم أعرف كيف أصفه .. لم تصدق عيناي ما تراه من رزم النقود بألوانها المبهرة .. لكن بعد لحظات أحسست بالأمان وكأني كنت أسير على الرمال فصرت راسخة على أرض صلبة ممتدة بلا نهاية. خرجت من باب البنك احتضن الحقيبة بكلتا يدي...
شطيرة البيض المسلوق مع الطماطم والزيتون إلى جانبها فنجان شاي ساخن جدًا جدًا هو فطوري المفضل .. لكن ذهاب زوجتي في زيارة لبيت والديها هداني لفكرة تناول الفطور في أحد المطاعم لاسيما أن التغيير من وقت لآخر بالنسبة لي أصبح حاجة ماسة. ارتديت ملابسي وخرجت متجهًا صوب مطعم يقع عند ناصية شارعنا ...
كورت أطراف عباءتها قبل أن تهم بصعود الحافلة التي غطى هدير محركها على كل الأصوات .. وهي تخطو بين المقاعد .. فكرت بالجلوس قرب امرأة ترتدي زي المدينة لكن يد والدتها دفعتها للسير نحو المقاعد الخلفية لتجلس قرب نافذة مغبرة مليئة من الخارج ببراز الطيور .. جسد والدتها البدين أجبرها على التزحزح نحو...
بعد أن دفعت له ثمن الخضار والفاكهه .. سألني: - ما رأيكِ سيدتي في أن تصبحي حبيبتي ؟ رفعت رأسي إليه .. كأني أراه لأول مرة .. أنه كراسيمير بائع الخضار القريب من بيتي .. شاب بلغاري أبيض البشرة يميل للبدانة منقوش على ذراعه الأيمن وشم لثعبان مخرجًا لسانه يرتدي قميصاً أبيض فيه زهور كثيرة .. قلت لنفسي...
ذات ليلة ممطرة .. عدت إلى المنزل متأخرًا قليلًا عن موعد حضوري وكانت زوجتي كعادتها تنتظرني لتناول العشاء سوية.. وهي العادة التي حافظت عليها منذ أول يوم زواجنا حتى اللحظة لا يثنيها عن ذلك وأن كنا متخاصمين .. لكنني في تلك الليلة كنت قد عزمت على أخبارها بأمر أخذ مني التفكير فيه لأسابيع طويلة ...
أزيز الصراصير من حولي غطى على الصمت لتبدأ حواسي في الاضطراب و ذاكرتي في الصحو لتعود بي إلى إثنين وثلاثين عامًا إلى الوراء .. أنه الكابوس المختبىء في زوايا العتمة وفي صمت الجدران وتحت الجفون .. الأزيز يعلو كالموسيقى المنبعثة من الملهى المطلة إحدى واجهاته على النهر .. والآخر على مقبرة...
خيبة أمل قوية تمكنت مني حينما وصلت لمكتب تحويل الأموال جعلتني ألعن كل شيء .. سأكون مضطرة بسبب الزحمة إلى الانتظار طويلًا إلى أن يأتي دوري لاستلم المال المرسل من قبل زوجي. خطر على بالي الذهاب لمكتب آخر .. طردت هذه الفكرة بسرعة .. فأقرب مكتب يبعد من هنا نصف ساعة تقريبًا .. بدأت بلوم نفسي...

هذا الملف

نصوص
150
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى