أسرد تلك الحكايات ﻷتواجد في هذا العالم بقلمي؛ أسطر حياة إنسان مر من ثقب ضيق، كثيرون يئسوا أو لم يجدوا شيئا ليصفوه، اعتقد البعض أن السابقين أتوا باﻹبداع، لم يعد في الوسع جديدا؛ أما أنا فلي عالمي الذي أعايشه أفراحا وأحزانا؛ انكسارات الحلم على شفرة المقصلة التي لا ترحم طيبي القلوب.
لا مكان لك فاصمت...
يشق النهار طريقه لا يعوقه ظلام الليل ولا يمنعه نوم الكسالى، يزحف في بطء كما لو كان دودة تعرف منعرجات الطريق، يحمل سمعان بقجة القماش، قادم من الزمن الأول، لا يعرف أحد فصله أو أصله، في أبلسة عرف كل الأسرار؛ بل وحتى وشم الأجداد، يوم فر نابليون من المحروسة، كان جده مع يعقوب الأرميني، طالت هذه...
ثمة تلازم بين الجانبين، فالكاتب يترك لقلمه العنان ويجرب أشكالا وأنماطا من الممارسة، يكتب رواية أو ينشد شعرا، يرسم صورة مركبة، يجمح به الخيال أو يمسك به الواقع، كل هذا وارد منه، إنه يغدو منطلقا يشعر بأنه يجاور الجوزاء، لا ضير عليه ولا حجر.
حين يتابعه الناقد ويلازمه بيان سبيل أو كشف غامض أو رد...
لم تتبق غير ساعات معدودة؛ أمسك بقلمي وأشيائي التي يعز علي أن أرحل دون أن ترافقني، لقد صحبتني سنوات عمري: كتبي التي دونت في هوامش صفحاتها تعليقاتي، الخطابات التي لم تجد من يتسلمها فعادت إلي؛ لأنه لم يستدل على عناوين أصحابها، بعض الصور التي سجلت لحظات مسروقة من الزمن الرديء، حاولت أن أتخفف منها،...
لا أدري ما الذي جعلني أتذكر تلك السمكة الكبيرة التي اصطادها أبي من النهر الذي كان يرتفع ماؤه أيام الفيضان،رغم أن ذلك حدث منذ زمن بعيد، كانت تلك أيام مضت قصت حكايتها جدتي في ليالي الشتاء الطويلة تلتف حولها ونتعارك من يجلس بمقربة منها!
تلك السمكة على ما يبدو ذات ذيل أخضر وزعنفة ملونة؛ تتمتم...
جاء في الكتب العتيقة أن كائنا غريبا سيخرج من جوف النهر؛بدأ العرافون يضربون الودع؛ فقد اقترب زمانه!
أقسم أحدهم بأنه بعين واحدة؛ إصبع إبهامه أطول من قرن الخروب؛ أسنانه منشار عم شنقار!
تلك حكاية ؛ تطوع أحدهم وأخبرنا بوصفه؛ الذي يشابه عمنا شنقار ؛ كم كان طيب القلب!
يتغدى بشطيرة خبز ووعاء لبن من...
هل تدرون أن السرداب الواصل بين سنهور المدينة وبين صان الحجر يمر من تحت كفرنا والذي توجد به أعاجيب لم يرها أحد؟
أسماك تطير بجناحين من ريش النعام، يعلوان فيحدثان دوامة هواء تسحر كل من يتنفسه، صوت ينبعث من داخل السرداب عند منتصف الليل فيغري القادمين من بعيد؛ هدهدة طفل في المغارة، جنية البحر تخرج...
تبدو الكتابة مرهقة؛ تحكمها قوانين وتفرض على متعاطيها آليات وقيود قد تكون مرهقة.
فالكاتب مستهدف إذا سطر ومتهم إن خرج عن المزاج العام، وهناك دلائل عدة تفصح وتشي، أما الحكي فهو امتداد في المكان واستدعاء لمخزون متراكم من التراث الشعبي في أمثلته وتجاذبات خيوطه، يمتلك الحكاء مساحة من الحرية في القول،...
في بيتنا قطة سوداء؛ صارت ذات نفوذ؛ همت أختي بطردها؛ سيما وأنها تسرق أشياءها، أفقدتها ثوبها الأرجواني؛ جعلت منه كرة تتقاذفها وتركلها فترتب على ذلك أن كسرت آنية الطعام واحدا وراء الآخر؛ تذمرت أمي من هذا الكائن الذي ضرب نظام البيت دون اهتمام بما نحن فيه من عنت، تموء في ساعة متأخرة من الليل؛ نصاب...
يكاد المتابع للإبداع العربي في الآونة الأخيرة يصاب بالحيرة والدهشة في آن؛ أما سبب الحيرة فمرده لذلك الركام من الكتابات التي تملأ الأرفف وتعج بها دور العرض؛ روايات مملة لاتجد فيها غير تكرار لما قدمه جيل الرواد، اهتراء في السرد وأخطاء في المعالجة حتى تجد نفسك في موضع اتهام لعقلك؛ هل هؤلاء مبدعون...
منذ فترة لاحظت أنه ساهم؛ فلا يشارك في حوارنا، عيناه زائغتان لا تستقران، كأنما هناك هول أو فزع يطارده، جهدت أن أخفف عنه، يشعرك بأن نهاية العالم الآن، غريب الأطوار، حاولت النأي عن عالمه، يكفيني ما بي، المرء يحتاج العزلة؛ ينظر في بعض أحواله، الهموم لا تترك لي منفذا، ضيق اليد، الأولاد ينهون...
تعي ذاكرتي ذلك المقطع من أغنية كنا نرددها صغارا؛ لولي حجر ، كفر مجر" الكثيرون كتبوا عن بلدانهم، عن البئر الأولى التي روت نفوسهم العطشى، غير أن قريتي تبدو - في خيالي - الأبهى والأجمل، لا أحب البكاء بين يدي الزمن، فقد ترك بعض آثاره على جسدي فصار واهنا، وعلى ذاكرتي المعطوبة، بل وعاطفتي المتدثرة...
انطوى كما الأيام الجميلة، سرقها لصوص الزمن في بلاد تصلب أولياء الله فوق جذوع الشجر، تحتفي بالعابرين فوق الفرش الحمراء، ماكينات صوت فارغة.
تقلب في فراشه، لم يحظ بساعة نوم هانئة منذ ذلك اليوم الذي احترق فيه أمله، ظلت تلك الذكرى تنهش قلبه وتنزف كلما حاول نسيانها، ارتحل بعيدا؛ فالمنافي أوطان...
تناثرت شائعة وراء أخرى أن رجلا بكفه الأيمن ستة أصابع، تتدلى من رقبته مسبحة، وجهه يتوقد جمرا، يعبر النهر قفزا، تجري وراءه الأسماك والعصافير تفر منه أسراب اليمام، ينام في جحر الديك، حين يأتي زمانه تكون النسوة في البلاد يتعاركن أيتهن تحتاز زوجا، ليست هذه كل صفته بل تبقى بعضا منها، ففي أنفه حبل...
عدت- مثل ذلك الغريب الذي تناثرت أشلاؤه في بلاد الله، يشعل من القهر ذاته، علمته أمه أن يمسك بمفتاح بيته، يعطره كل آونة بوهج شريانه النازف، عنده ألف سبب للعودة، أجاب نداء الأرض- لكنني لست - كما قلت لكم- مثله.
أعاني من داء العته، تختلط لدي الأسماء بالمسميات، بل أضع للنساء أسماء الرجال، حتى خلتهم...