د. سيد شعبان

تلك الحكاية لم تسمعوا بها من قبل، ربما لم يحن بعد أوانها أو لعل الساحر الذي جاء قريتنا لم يترك لأحد مفتاح السر لهؤلاء الذين ابتلوا بضعف الذاكرة جراء العيش في أبنية عتيقة تاهت عنها الشمس، على أية حال حين نمت مبكرا كان الليل كافيا لكي تتسرب الحكاية إلى فراشي الذي تكدست فوقه أغطية الشتاء، مثل لي...
" ناعم يا ملح " قصة قصيرة من قصص الدكتور سيد شعبان ؛ يمتزج فيها الواقعي بالأسطوري، والشعبي بالخرافي، وهذا النص مفعم بالرموز، شديد الإيحاء، يُلمِّح ولا يصرح. تدور أحداث القصة في إحدى القرى المصرية، ولم ينصَّ السارد على قرية بعينها؛ بحيث يتسع المكان؛ ليشمل قرى مصر بأسرها، ويتلبس الحدث بسبعينيات...
هل تدرون أن السرداب الواصل بين سنهور المدينة وبين صان الحجر يمر من تحت كفرنا وبه أعاجيب لم يرها أحد؟ أسماك تطير بجناحين من ريش النعام، يعلوان فيحدثان دوامة هواء تسحر كل من يتنفسه، صوت ينبعث من السرداب عند منتصف الليل فيغري القادمين من بعيد؛ هدهدة طفل في المغارة، جنية البحر تخرج عارية عند ضفة...
التخفي وراء الأبواب المغلقة لن يجلب النور للعينين،تلك حكمة قرأها لأحد حكماء ما وراء النهر الذي يفيض عسلا،ومن يومها بدأ يشتري أغراضه من هؤلاء المارين على الأبواب،أجسادهم النحيفة،عيونهم التى تشبه حبات البازلاء،حتى نساؤهم وشعرهن المنسدل خيوطا سوداء،صار مشهورا بين أقرانه بالرجل الذي يعجب بالقوم...
اعتدلت جدتي في جلستها؛ أخذت تسرع في تدوير حبات مسبحتها؛ لم يتبق على الإفطار غير ساعة؛ أمسكت بطرف ثوبها الذي حاكته لها أمونة، تلك الخياطة البارعة؛ جلباب أزرق مثل موج البحر تتراقص عليه أشعة الشمس. تلف حول رقبتها شال أبيض ينتهي طرفاه بحمامة وسبع سنبلات خضر وفي وسطه هلال! أحسبها تلفعت بعلم عتيق؛...
احتارت منها الهدوم القديمة؛ أوسعتها رتقا وصبغا، كل يوم بل كل ساعة تقف أمام المرآة التي أكل الزمن حوافيها، تزيل بكمها ما غطاها من غبش، أحيانا تلبس الفستان الستان الأحمر؛ لتبدو النجمة الأولى في حارة الرمش، وآونة تمشط شعرها لتبدو فنانة، تعبت منها ناصية الشارع، بلا زينة تبدو كأن القرد ميمون مسخ...
للمدن في حياة أهلها أثر لايزول بمرور الزمن؛ ولكل منا ذكريات مع مدينته الأثيرة؛ وأنا ممن يهيمون وجدا بالقاهرة؛ مدرج الجامعة الأم؛ رفلت فيها أحلامي زهوا حين أتيتها أول مرة سبت قلبي؛ أدهشتني بمبانيها وبشوارعها وبناسها؛ بوم نزلت من محطة رمسبس الواقف في الميدان قابضا على على عصا الملك، تجري حافلات...
أخي الذي ارتحل! كنت ميمونا على أهلك وولدك؛ عرفتك زهاء خمسة وثلاثين عاما فما وجدت فيك غير الصدق؛ لم غادرت سريعا؟ ثمة سؤال عجزت عن معرفة إجابته؛ يتردد في مسمعي" وما عند الله خير وأبقى" هذا عهد بك وهل مضي عام ينسي الحبيب حبيبه؛ ليلتها أخذتني رعدة؛ فارق النوم عيني؛ جاء الناعي أن أيمن قد ارتحل إلى...
توسدت ذراعي حاولت أن أسرق ساعة يغمض فيها جفني،الصغار من حولي يثيرونها معركة،دائما ما تفشل مبادرات الصلح التى أوثقها بمزيد من الجنيهات؛ولأنهم ماكرون يتحملون بعض ضربات بعصا لا تمنع هرا،ولا تدفع محتربا،الآنية تفرغ في أمعاء لا تعرف للطعام نهاية،الشائعات تسلب المنطق أسبابه،هناك في طرف القرية آوت تلك...
الآن الساعة العاشرة مساء ،وفي القرية يكون هذا وقت متأخر لمن لايزال خارج بيته،فالهجانة يمسكون بمن يجدونه،لقد قتل العمدة في صراع قبلي،لا شأن له بهذا حين انتهى من صلاته،مر على التجار،حيث يعد نفسه لسوق المواشي،مر بمحطة قطار الدلتا عندها يقع بيته في الجهة المقابلة ،وجد امرآة تقف حائرة،،الظلام...
الكتابة حياة! إذا كان أستاذنا العقاد يرى أن القراءة امتداد ومعايشة لعوالم لم يعاصرها المرء؛ فإن الكتابة هي محصلة كل هذا؛ بوح وسرد يتركان تفاعلا وتواجدا على مسرح الحياة. هناك من تكون القراءة هوايته فلا يبرحها ليعبر عن فكره ومعتقده؛ يزجي وقته وقد تكون عادة الغافل المستلقي على ظهره لا يريم حركة ولا...
الحكايات مملة ومكررة مثل ساعات الليل التي تمضي في رتابة،أخذ يتقلب يمينا ويسارا،تتابعت حياته أمام عينيه بكل أفراحها،لكن الإخفاقات كثيرة،من بين ثنايا الماضي لاحت له طيف خيال،وما أكثر ما تتهادى هذه الأماني حين تطبق الهموم على صدره! اعتدل في فراشه،تلا دعاءه،حاول أن يصرف هذا الخاطر،تأبى في إصرار،أخذ...
غريب لا أعلم متى سأصل إلى داري، منذ آويت إلى هذه الحارة أعاني من الوحدة، لا أحد يهتم بي؛ تنفر مني النساء يبدو أنني مصاب بالجرب، هل كتب علي التشرد في بلاد الله؟ أشعر بأنني بلا جذر يشدني إليهم، أو على أقل تقدير لم أجد منهم اهتماما، إنه ازدراء بلا سبب، ربما لخلقتي السوداء المتفحمة، رغم أنهم لا...
شاء الله لي أن أطلع على كتاب في "اللسانيات العربية المعاصرة دراسات ومثاقفات؛ كان ذلك قبل خمسة وعشرين عاما؛ أيام الطلب الأول والسن غض الإهاب وماتزال بي إذ ذاك حداثة العهد بالدرس الأكاديمي؛ وقع الكتاب من نفسي موقع التهيب؛ مؤلفه يعالج أمرا يعجز أمثالي على سبر غوره والاستيعاب أول درجات الفهم؛ فما...
دقت الساعة معلنة منتصف الليل؛ تتحرك الوساوس والخيالات محدثة صخبا لايدري به إلا من تلبسته الظنون، ثمة حفيف لأوراق الشجر يترك فزعا، تموء في تلك اللحظات القطط الثلاث التي رزقنا بها؛ انضم جرو صغير إلى الكلبين الذين ضربهما العجز، عله يفلح في أن يأتينا بجديد، كل شيء هنا اعتاد الرتابة، يمضى النهار دون...

هذا الملف

نصوص
482
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى