على ضفة النهر حيث يسكن حارس اللغة وفارسها، تحت ظلال أشجار الأرض التي قهرت نابليون بونابرت في موقعة الرحمانية تأتيه فيسعك حبا وألفة، لم تغيره السنون رغم مضي الزمن، يقف كالطود يحرك عصاه كأنما يهز أعطاف المجد، موعد فلقاء فحديث جرى عن النقد الأدبي الذي عجن مادته وأخرجها طعاما شهي الفكر عذب الرواء...
مضى زمن ونحن في بلادنا يجهل بعضنا أدب بعض، حتى كتب من أسموهم رواد الإبداع كتابات في الآخر تمجيدا، هذا يكتب عن الحي اللاتيني وآخر عن شقروات بني الأصفر، مرة مخدوعين وأخرى متجاهلين أن ثمة أدب يرقى لمصاف العالمية تخطه أيادي الساردين، وحديثي عن أدب قومنا في السودان ذو شجون لاينفك عن ذلك التجاهل، كان...
مؤكد أن هذا حدث في مكان ما، خلص تقرير أعدته جهة خضراء ممن تزين تلك الأوشحة ثيابهم الرسمية وما أكثرها في تلك البلاد التي يمد كل واحد فيها أصله إما إلى آل البيت أو من يتصلون بذوي الأملاك والألقاب؛ ضعيف منبوذ من لم يعرف أحدا من هؤلاء، الأشباح والأصوات التي تأتي من تلك الناحية لا نجد لها تفسيرا، حين...
حملت ما استطعت جمعه من أشيائي البسيطة: أوراقي المهترئة وبضعة ثياب أختزنها ليوم الوجاهة، قنينة حبر؛ ريشة من جنح إوزة؛ أدون بها وقائع رحلتي إلى المدينة البعيدة؛ فقد جاءتني رسالة بالبريد"أن احتفالا كبيرا يعد لأجلك فاحضر في قطار الغد".
سرى ذلك الخبر في كفرنا الذي يعتاش على النميمة ويتدثر بالرغي؛...
ليلة أمس لم أنم بما فيه الكفاية؛ تداخل شريط النهار متتابعا؛ مثقل أنا ببعض الترهات تتناوشني، ثمة حلم زراني طيفه: الأموات في صخب استمر قرونا عدة؛ فهمت هذا من التاريخ المدون أسفل كل حدث، ولعله متواجد في ذلك القيد الحديدي الذي يثقلهم، يأتون مقترنين في سلسلة يتراصون فيها مكرهين؛ أريت قوما ينتعلون في...
برز في عالم السرد العربي كاتبان امتلكا ناصية الإبداع؛ كانت الكتابة عندهما اتجاه حياة ونمط تفكير؛ حين نقارن ما تركاه نجده يفوق الوصف؛ لم يعلن أحدهما عن نفسه بل يعرض مادته على وسائل الإعلام؛ إنها حالة من رهبنة مغايرة.
كلاهما دخل ميدان الأدب من غير باب التخصص؛ فنجيب محفوظ دارس للفلسفة والطيب ولجه...
ثمة صراخ يدور في السماء، ينبح كلبنا الأبيض، التفت ناحيته فإذا به بحمل ببن فكيه طائرا مقطوع الرأس؛ أمرتني أن أسرع خشية أن يكون مسموما.
قالت: ذلك الجار يقتل كل شيء.
تشفق على الكلب أن يمسه السوء، لقد فقدنا الكثير منها، حين كانت موجودة كنا ننام مطمئنين أن الثعالب لن تهاجمنا، هذه الأيام بعد موت...
عدت - مثل ذلك الغريب الذي تناثرت أشلاؤه في بلاد الله، يشعل من القهر ذاته، علمته أمه أن يمسك بمفتاح بيته، يعطره كل آونة بوهج شريانه النازف، عنده ألف سبب للعودة، أجاب نداء الأرض- لكنني لست - كما قلت لكم- مثله.
أعاني من داء العته، تختلط لدي الأسماء بالمسميات، بل أضع للنساء أسماء الرجال، حتى خلتهم...
عادة ما يرفض النقاد التجربة الشخصية إذا كانت تمس شخصية الكاتب وهذا ما تحدث عنه ابن طباطبا في نقد الشعر وكان يميل في نقده الي التجربة الإنسانية لأنها تمس الجميع بدأ نصه السردى بعبارة (بعد هذا العمر آن لي أن أدون سيرتي الذاتية التي تتابعت صفحاتها كتابا باهت الحروف)
فهو يتحدث عن عنصر الزمن يمكن أن...
الآن يحلو لي أن أسرد عليكم بعض نتف مما شاهدته؛ فأنتم تعلمون منه الكثير ، ربما لا حاجة بكم لمثل هذه الترهات التي لن تغير شيئا ، هي تثقل كاهلكم جراء تلك الفوضى التي تحيط بكم، لكنني مولع بهذا الحكي، هذه الأيام الجو حار ويحتاج فراغا تسبح فيه عقولنا، والحديث عن أبي قرن قد يخفف من ثقل الهواء، العرق...
عرجوب في السوق قصة قصيرة للدكتور سيد شعبان؛ تمتاز بالتكثيف الشديد، والإيجاز والاكتناز؛ تنحو لغتها نحو الشعرية.
يمثل " عم مخلوف " الشخصية الرئيسة في النص؛ بينما يمثل " عرجوب" الشخصية الثانوية؛ لكنها شخصية لها أهميتها في السرد؛ فهي التي صنعت الحدث، ونسجت خيوطه.
" عم مخلوف " رجل فقير؛ طوى...
يقال إن الراحلين الذين مروا بكفرنا في سنوات الفيضان الذي غمر قرانا حتى ملأ الوادي.
تركوا أثرا في ذاكرة الذين يجتمعون كل ليلة يتبادلون في مسامراتهم حكايات عنهم.
الغجر يختزنون حكايات ماتزال مفاتيح أبوابها سرية، في مدينة لاتنام تتحرك كائنات تسكن أحياء عتيقة، هنا سكن اليهود في حارة سد، يجوب الخواجه...
حالة من الجنون أصابت ساعة الحائط؛ لم تعد تؤدي عملها بالدقة المعهودة فيها، يتقلص النهار ويطول الليل وهي في غفلة، الأخطر في هذا أن ميزان الأسرة صار هو الآخر متأرجحا لايدري له وجهة، أبي ينام دونما حاجة غير أن يصحب أهل الكهف، يصدر أصوات مزعجة، يتعارك مع كائنات غير مرئية، يذكر أسماء من عالم الخيال...
تصدر تحذيرات بأن شيئا ما يهدد سكان المدينة وما يتبعها من علب الصفيح؛ سأدخل تلك المغارة مجبرا؛ لم يعد لدي ترف الاختيار؛ حين جلست عند شاطيء النهر وجدت واحدة يدلف إليها ثعبان كبير؛ فالبيات الشتوى اقترب موسمه، في بلادنا مائة عام من العزلة لا تكفي، علينا أن نبقى في باطن المغارة بأمر الأخ الأكبر الذي...
تلفت يمينا وشمالا فالزائدة الدودية التي بفمي متعبة، لا تكف عن الحركة، أخذت تبحث عن مهنتها، غافلتها ليلة أمس، نمت في خزانة أمي، هذه عادتي حين أبحث عن مهرب آمن.
عيناي يغلفهما حذر، أصحاب الأقدام الغليظة تجثم على صدري، أخيرا استطعت أن أجد شعاعا من نور شمس ذهبية.
ورقة ملقاة عند تلة من فضلات ليل مغلف...