كانت جريمة بشعة جداً، شهدتها المدينة الصغيرة تحت الجبال، حيث سدد أحدهم ست طعنات قاتلة لشاب يملك محل تصوير فوتوغرافي. ست طعنات نافذة في ثلاث مناطق، إذ أن كل طعنة نفذت مرتين في ذات الثقب عند منطقة القلب مباشرة. وتم جر القاتل إلى قسم الشرطة فاعترف بالجريمة التي شهدها الكثير من مرتادي محل التصوير. وتبين للشرطة أن "أبو حوا" -وهو القاتل- مجرد مزارع بسيط، عاش طيلة حياته في منطقته الزراعية النائية، وقد طالبه زائران من اتحاد المزارعين بصورة شخصية لمنحه العضوية وبالتالي الاستفادة مما يقدمه له الإتحاد من تيسيرات ودعم موقف المزارعين في مواجهة الحكومة.
دوناً عن سائر الأيام منذ ولادته تلفح "أبو حوا" عباءته وشاله ودوَّر عمته فوق رأسه الذي بدأ الشيب يغزو شعره، وغادر إلى المدينة الصغيرة. وهناك اقترف جريمته النكراء. وزاد من غضب الشارع أن المجني عليه ابن أحد أعمدة المنطقة، وهو الجزار سعيد الأسعد. وهكذا تدفقت الجماهير لمشاهدة محاكمة "أبو حوا" وهي تهتف منادية بالقصاص..لقد اعترف "أبو حوا" بالقتل وكان مبرره غريباً جداً، فالمجني عليه منحه صورة أخرى ليست له ليثير شبهة في نسبه لأبيه. فقام القاضي بفض المحرزات ليطالع الصور. غير أنه فوجئ بأن الصور هي بالفعل ل"أبو حوا".. أنكر "أبو حوا" أن تكون الصور له، فهو ليس أسود اللون بهذا الشكل كما أن أنفه مقوس كأنف أبيه. إن هذه الصور تعني دون شك انه ابن جاره التربالي الآخر، بذات الأنف المفلطح والأذنين الكبيرتين والبشرة الداكنة.
قال "أبو حوا" وعيناه محمرتان من الغضب:
- مكيدة من ذلك الكلب ليجعلني ابن حرام..
فغضب أهالي المنطقة وصاحوا:
"القصاص ..القصاص"..
غير أن القاضي قال له:
- ولكنها صورتك يا "أبو حوا"..
هاج "أبو حوا":
- الحكومة متواطئة مع التربالي..وحق الله لن تستطيعوا تشويه سمعتي..انا رجل وابن رجال..
سأله القاضي:
- متى آخر مرة أخذت فيها صورة يا "أبو حوا"..؟
فأجاب "أبو حوا" أنه لم يلتقط صورة لنفسه أبداً سوى هذه المرة..
فتعجب القاضي، وسأله عن رؤيته لوجهه في المرآة فأجاب غاضباً:
- إن من العيب أن تنظر نساؤنا في المرايا، فهل نفعلها نحن الرجال..
وكان الحل هو جلب مرآة ل"أبو حوا" ليتأكد من شكله..لكنه رفض، مفضلاً إعدامه على فعل ذلك..
دارت كل وقائع هذه القضية الغريبة حول جهل "أبو حوا" بملامح وجهه. وقد انتهت بالتأكيد بإعدام "ابو حوا"..الذي وقف بثبات وكبرياء عندما لفوا حبل المشنقة حول رقبته..لقد تدلى جسده بارداً وهتفت الجماهير مهللة دون أن يتذكر أحد منهم أنه ظل مناضلاً جسوراً من أجل قناعاته.
دوناً عن سائر الأيام منذ ولادته تلفح "أبو حوا" عباءته وشاله ودوَّر عمته فوق رأسه الذي بدأ الشيب يغزو شعره، وغادر إلى المدينة الصغيرة. وهناك اقترف جريمته النكراء. وزاد من غضب الشارع أن المجني عليه ابن أحد أعمدة المنطقة، وهو الجزار سعيد الأسعد. وهكذا تدفقت الجماهير لمشاهدة محاكمة "أبو حوا" وهي تهتف منادية بالقصاص..لقد اعترف "أبو حوا" بالقتل وكان مبرره غريباً جداً، فالمجني عليه منحه صورة أخرى ليست له ليثير شبهة في نسبه لأبيه. فقام القاضي بفض المحرزات ليطالع الصور. غير أنه فوجئ بأن الصور هي بالفعل ل"أبو حوا".. أنكر "أبو حوا" أن تكون الصور له، فهو ليس أسود اللون بهذا الشكل كما أن أنفه مقوس كأنف أبيه. إن هذه الصور تعني دون شك انه ابن جاره التربالي الآخر، بذات الأنف المفلطح والأذنين الكبيرتين والبشرة الداكنة.
قال "أبو حوا" وعيناه محمرتان من الغضب:
- مكيدة من ذلك الكلب ليجعلني ابن حرام..
فغضب أهالي المنطقة وصاحوا:
"القصاص ..القصاص"..
غير أن القاضي قال له:
- ولكنها صورتك يا "أبو حوا"..
هاج "أبو حوا":
- الحكومة متواطئة مع التربالي..وحق الله لن تستطيعوا تشويه سمعتي..انا رجل وابن رجال..
سأله القاضي:
- متى آخر مرة أخذت فيها صورة يا "أبو حوا"..؟
فأجاب "أبو حوا" أنه لم يلتقط صورة لنفسه أبداً سوى هذه المرة..
فتعجب القاضي، وسأله عن رؤيته لوجهه في المرآة فأجاب غاضباً:
- إن من العيب أن تنظر نساؤنا في المرايا، فهل نفعلها نحن الرجال..
وكان الحل هو جلب مرآة ل"أبو حوا" ليتأكد من شكله..لكنه رفض، مفضلاً إعدامه على فعل ذلك..
دارت كل وقائع هذه القضية الغريبة حول جهل "أبو حوا" بملامح وجهه. وقد انتهت بالتأكيد بإعدام "ابو حوا"..الذي وقف بثبات وكبرياء عندما لفوا حبل المشنقة حول رقبته..لقد تدلى جسده بارداً وهتفت الجماهير مهللة دون أن يتذكر أحد منهم أنه ظل مناضلاً جسوراً من أجل قناعاته.