إبراهيم منصور - اليوم الثاني واليوم الثالث.. قصة قصيرة

«اقفل فمك وابك لاتبك وفمك مفتوح»
أ. م

1-
أقسمت أنه منذ اليوم، لن أحييه أبدا. سأمر من جانب مائدته، ولا أنظر إليه.
قال لم أكن أتصور أنك بهذه الرقة، فأنت تبدو كالبغل. ولكن هذا كان شيئا آخر.
الثاني الذي كان معه، قال إنه لم يفكر في النساء منذ سبعة أشهر وقلت له إن حسن يقول إنه لايستريح إذا لم ينم مع امرأة أربع مرات في اليوم علي الأقل. فقال إنه متضايق، وانه مليء بالهموم فقلت لحسن: ألم تقل هذا؟. فقال له حسن »لا«. ولكن الثاني لم يكن ينظر إليه.
وقال هو أنا نجم هذا الموسم. وقذف بالضحكة إلي أسفل بطنه
(قالت له: حتي دمعتك، لونها مائع)
قلت: سأكتب عنه قصة تجعله يعرف حقيقة مركزه. [علي الجدار كان يبتسم. لم تكن في رأسه شعرة بيضاء واحدة. ) قلت: ماذا يفعل هو؟ يمثل؟ (أنور وجدي ينفخ في الكلارنيت ووجهه يمتليء بالحياة) ثم ماذا؟ ثم يموت!
هل يمكن يعرض هذا الفيلم مرة أخري؟ لا يمكن.
[وضحك الرجل السمين، وقال إن ما أقوله صحيح تماما)
سيغضب. وتحمر أذناه. وتلمع عيناه في الضوء. ويقول: لماذا كتبت هذا؟
في ذلك اليوم سرت والبراز بين فخذي لينا دافئا. وحذرتني أمي أن أفعل ذلك مرة اخري. منذ ذلك اليوم لا البراز يزول من بين فخذي، ولا القلق يزول من عيني أمي.)
قلت له: « اتبسطت في بيروت؟» قال: « لا»
كان يجب أن لا أقول كلمة واحدة بعد ذلك. وأن أجلس صامتا هادئا، كالممثل الآخر الذي يجلس أمامي، وأن أرتدي « بدلة » ذات خطوط فاتحة متباعدة، وأن أشرب بيرة، وأن أطلب من الجرسون أن يحضر لي قليلا من البطاطس، فيحضر لي طبقا مليئا به، فيضحك أحدهم ويعجب لذلك، فأبتسم أنا وأرش ملحا علي البطاطس قلت له:
لنجلس معا عرايا كالسمك. جلودنا تلمع بالدهن. ولنقل لعبضنا كل الأكاذيب التي نعرفها. ولنلمح في أعين بعضنا دمعة لاتعني شيئا. وربما كانت تعني كل شيء. وليسقط الطغيان.
والوجوه الثلاثة التي كانت تجلس علي المائدة المجاورة لاتزال تنظر إلي. قال الثاني اتستطيع ان تحدد وضعهم الطبقي؟ قلت له: إنهم من الشواشي العليا للبورجوازية الصغيرة.. وضحك.
وبعد أن أعطاه الممثل خمس جنيهات، قال لي، ان لديه تحديدا آخر لهم. فقلت له: ان اللحظات التي يفضي فيها بأفكاره إليّ من أهم لحظات حياتي. وضحك.
ولكن إن ضحكت أنا يصبح الأمر كارثة!
قسما سوف يمر من جانب في الردهة الطويلة ذات المرايا، ولن أحييه، وستسقط دهشته في النور عند قدميه دون ان تحدث صوتا ككل شيء يفعله.
الثاني قال في قرف، إنني أتمتع بحس الفكاهة.
هي أيضا قالت ذلك ونحن نقف أمام التابوت في متحف الآثار ولنفرض أن جدي الذي مات، كان مصابا بالشذوذ الجنسي. فما ذنبي أنا؟
قلت له ليختلط في كلامنا الماضي والحاضر وليكن في نفسي في نفس اللحظة صديقي السمين الذي كان يقرأ لي القصص في شرفة بيته، وآثار الحرق في أسفل بطني، وهذا الممثل الذي يجلس أمامي.
كبصقة هائلة بين عيني.
قلت لنفسي: يجب ان يسير الإنسان في هذا المكان بحذر شديد فهو ممتليء بالممثلين، هذا الرجل ذو الحواجب الكثيفة الذي يغطي الشعر الأسود الملتوي ظهر يديه، والذي كان يترك المدرسة بعد الغذاء مباشرة، ممثل.
قال: « الحمد لله، الرواية نجحت » .
وقال الممثل الأخر: «أحمد، الولاد كانوا كويسين؟»
فقال: «الحمد لله، الرواية نجحت».
(وهل المفروض ان احمل صورتي معها في كل مكان؟)
في الصباح، قلت له إنني كنت في جنازة، فقطب وجهه وقال: قريب؟ قلت انها كانت شيئا ممتعا (هنري ميلر) فوجم ثم ضحك بشدة وقال انه لم ير ابدا شخصا مثلي، واني لا اهتم بشيء علي الاطلاق.
(هل كنت استطيع ان اقول لهم انها قالت لي انها كانت اسعد رحلة في قطار في حياتها. وان عامل البوفيه بالقطار ربت علي كتفي في مودة.)
وفي المساء قال لي سعيد إن »عز« ابوه مات. قلت »حسن بيه؟.. (لايهم. سنته الذهبية ستضيء القبر- ابراهيم) ولكن لم ارسل البرقية. خشيت الا يفهم.
هل استطيع ان اثق بكم؟. هل استطيع ان احكي لكم ما حكيته لكل انسان لايهمه ان يعرف ما حكيته له. لا. انا اكذب. فهذا لم يحدث بعد. او ربما كان قد حدث. من يعرف؟ فأنا لم اثق بكم بعد. في القصة الأولي لم اقل الحقيقة كاملة. وهذه بصراحة هي مأساتي)، ولكن لم اشعر ابدا بالرغبة في ضربة تمت.

2-
واحد من اثنين، اما ان اكون مخطئا او لا أكون.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى