ليث الصندوق - أبو نواس يبحثُ في العالم السُفليّ عن جنان.. شعر

لمّا أعد أذكرُ من أيامها
غيرَ يد مشلولةٍ تمتدّ في الليل إلى مِعزفها
باكية ًجَمالها الذائبَ والأصدقاء.
ولم أعدْ أعبثُ بالشَعر الذي
قد حوّلته لهشيم يابس ٍعَواصفُ الشتاء.
تكسّرتْ أصابع البيانو
ولحننا القديمُ ما عادتْ له في الروح من أصداء.
عادتْ إلى الغابة بعدَ المَطر الأطيار،
فلم تجدْ مأوى بقرب النار،
ولم يعُدْ يتبعها الدفءُ إلى الفِراش.
فراشُها قد ذابَ في الجليد،
وانجمدتْ شِفاهُها كذائب الحديد.

**

أربعُ طلقاتٍ بقلبٍ حالم
قد أفزعتْ بلابلَ الأحلام،
وواصلَ القناصة ُاللصوصُ لِعْبَ القتل من مَخدَعِهم،
ليطردوا المَلال.
أضرمَ ما شاءَ لهُ جُنونهُ،
وعلقَ النساءَ كالأثواب في حِبالْ.
مَرّ على حرائقِ الشاعر ألفُ عام،
خلالَها
قد أطفأتْ عواصفُ النسيان ما أضرمَ في الأكباد.
ولم يزل للآنَ من ساروا على طريقه
يُخفونَ في صدورهم قلباً من الرماد.

**

ننام في شرانق الخوف كما الأمواتُ في الأكفان،
ونُسدلُ الستائرَ السودَ على الحيطان.
جنانُ لم تعد من المنفى، الذي
شيدهُ من لوثة السُكر أبو نواس،
وعادتِ الريحُ مع العناكب السامة والذئاب،
وعادت الأفعى تصبّ السمّ في أكواب.

**

جنان طوّتها يدُ النسيان
في صُرّة الدموع والأحزان،
من دون أن تُدركَ أنّ الذئاب
تحتَ لِحَافِ العُمر تُخفي الناب،
وأنها لربما تذكُرُني في الرّمَق الأخير،
يئِنّ من ألامِها السرير،
فتطفئُ الأضواء في انتظار المَلَكِ القادم بالحبال من مشانق السماء
وربما تذكرُ أياميَ إذ كنا معاً نغطسُ في قارورة الرضاب.
واليوم ما من كفة تُدني لها بالماء،
وربما تنتظرُ الأحفادَ أن يأتوا لها بخمرة السراب
في كوخها القديم وسْط َغابة
ينخرُ سوسُ القهر في أشجارها الصمّاء
فأيّ أقدار ٍتُرى تربضُ خلفَ الباب ؟

**

ماتَ أبو نوَاس
من قبل ِأن تمضّ نارُ الخَمر في الحواس،
ولم تزل جنان
حُور
ثمّ تعودُ مرّة ًأخرى إلى الظهور وسْطَ َالكاس.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى