عمر أزراج - العزلة.. شعر

أنا البربري الأشد عزلةً من الصحراء
في حضرة من لا أهوى
ومن لا أهوى هو المنفى.
أنا ابن الملوك، وبرق الزيتون
وصيحات الأوراس وهو يلبس
البرزخ قفطاناً.
ها أنا أرى “ عقبة “ يبيع سيفه في الحانات
في آخر الليل يبكي الغمد
على النصل الذي يراق على جوانبه الفقرُ
فلماذا نحنُ هكذا ننام على الطوى
أو يجرنا “الموالي” ويغرينا الاسرُ ؟
أنا البربري النحيل
أدق على الطبلِ ليلاً
وأخفض للغرباء جناح الهديل
لعلي أضيء دروب الذين أضاعوا السبيل
وداستهم خيلهم المريضة في منحنيات الممرات
حيث يباعُ ويرهن برق الصهيل
وفي الرمل يخفون ذكورتهم، والخناجر الصدئات
ويلقون في الجبّ بشعر النساء
مخافة فقر الفحول بين الرصافةِ والأطلسي الذليل.
اذن كيف نرحل أبعد من لغة يرتادها العويل
وندنو من الجرس الذي نام في خصلات النخيل؟
لنطلق سرب الجبال إذا أسرت
والنجوم إذا كبلتها الرياح أمام العتبة
فهاهي لحظة موتي تضيء انبعاثي
وهاهو حلمي يلون رجع الصدى:
الجمال مكاشفة الكلمات لحال الدليل.
أنا البربري النحيل
أدق على الطبل ليلاً
وأخفض للغرباء جناح الهديل
فيا أيها البربري خلفك برد الزمان
وصخر على شفة تستغيث ببرق بخيل
إذاً، كيف ترحل أبعد من وطن يمطر
الموت في الصيف
ويسقي الحناجر بالرمل والحيف؟
أمامك روم، فهل من جبل يرتديك
ونحو صباه تميل؟
وهل من ينابيع تشفي صحارى المتصوف القروي
لكي يرتمي فوق ركبتيه المجرات خلسة
وترسله عشبة من صهيل
وراء ثلوج الزمان؟
فهاهي لحظة موتك تهمي،
فسرح غيوماً إذا قيدت، والنجوم إذا أطفئت،
وصح في قربتها وجفاف صداها،
وقل لأغربة البين
قرب المزارات: ليس سرّا إذا كان نهري يسائل
هل ثمة الآن مخرج صدق إلى عتبات الوئام؟
وهل يمكن الآن أن يستدير إلينا الغمام
ويبعث فينا نبع الخلخال كي يُرقص
الشجرات وحزن الحمام؟
***
أنا البربري النحيل
أدق على الطبل ليلاً وراء ثلوج الزمان
لكي توقظ الكهف أصعد إلى الشمس وحدك
وصح في الذين أضاعوا السبيل
لتجعل الماء يمشي على النار، أطلق
غناء حناجرنا فيرد الصدى:
الجمال مكاشفة الكلمات لحال الدليل.
أنا البربري النحيل
إذا ضاقت الدنيا عليّ، أوسّع حظ الحلم
إذا حاصرت شفتي صخرة الغمْ
أدق على الغيمْ
وأخفض للغرباء سحاب الهديل
وأشعل ناراً وراء ثلوج الزمان.


............................
- من مجموعته الشعرية “الطريق إلى اثمليكش “ *
وقصائد أخرى.
(*) اثمليكش قرية الشاعر.
(*) عمر أزراج
أعلى