إبراهيم المصري - ولأنَّه لا قِبلَ لي.. شعر

... ولأنَّه لا قِبلَ لي
باقتناءِ لوحاتِ سيزان وشاجال وعدلي رزق الله
ولأنَّ بيتي لا يتسع
لمنحوتاتِ محمود مختار وجواد سليم وأوجست رودان
ولأنني لا أعرفُ كيف أستضيفُ في شُرفتي
أوركسترا لندن والقاهرة وموسكو السيمفوني
ولأنَّ الزَّمنَ أقصرُ من قراءة
البحث عن الزمن الضائع وموبي ديك وملحمة السراسوة
لأكثر من مرَّة
والقرآن والتوراة والأنجيل وكنزا ربَّا وملخص أسفار الفيدا
ولأنَّه لا يمكنُ الإنصاتُ في اللحظةِ ذاتِها بوجدٍ فائق
إلى أم كلثوم وإديث بياف وجوجوش يُغنينَ معاً
ولأنَّه بفواتِ الأيام
نسيتُ المواقفَ والمخاطبات والحِكمَ العطائيةَ وموجزَ تاريخِ الجنون على رفِّ الفؤاد
ولأنني لم أصادقْ بريجيت باردو تلك التي خلقَ اللهُ بها المرأة
ولم أشمُّ سوتيان صوفيا لورين ولا شَعرَ هند رستم
ولأنني الماضي كلُّه
مُنغَّماً بقطراتِ مطرٍ على زجاجِ نافذةٍ مكسور
أو على عينيَّ اللتين قرأتا كتباً كثيرةً وأحلاماً أكثر
ولأنني وإن كنتُ أشتري صورَ لوحاتٍ وفدادينَ متسعةً من الوهم
وأحبُّ أمِّي وأبي
وأخمِّنُ دائماً أنَّ قطاراتِ آخر الليلِ ستأوي إلى صدري
أضيعُ في مَسغبةِ المشي الطويل طفلاً بين الحقول
ولأنَّ الخوفَ بانقسامِ الجمجمةِ إلى نصفين
أسكبُ من أحدهمِا الخمرَ في الآخر
وأدخِّنُ بمتعةِ الحنينِ إلى الله
ولأنني أقيِّدُ الحياةَ والموتَ ككلبي حراسة
ينبحان علىَّ وعلى العابرين
ولأنني من العابرين...
... أكتبُ الشِّعر.
.
إبراهيم المصري
أعلى