إبراهيم المصري - في الصباح لم يمت أحد

في الصباح
لم يمت أحد
لم تُسجَّلْ إصابةٌ واحدةٌ جديدة
والمصابون في مستشفياتِ الحجرِ الصحي
استيقظوا ورئاتُهم نظيفةٌ تماماً
حتى أنَّ بعضَهم
وبَّخَ الأطباءَ والممرضين
على بقائِهم أكثرَ من اللازم
في هذه الغُرفِ المعقَّمةِ بمرارةِ انتظار الموت
لم يمت أحد
ولم تُسجَّلْ إصابةٌ واحدةٌ جديدة
وما كان سُحابةً سوداءَ فوقَ رؤوسِ الجميع
يبدو أنَّ قوةً ما
سحبتَها ليلاً وطوتَها
ثم خبأتَها في مكانٍ ما
أو ربما تحللت من تلقاءِ ذاتِها
وأفسحت المجالَ لأن يشمَّ الناس
روائحَ يقولون إنَّهم يشمُّونها لأوِّلِ مرَّة
كروائحِ الفلِ والبرتقالِ والماريجوانا
لم يمت أحد
ولم تُسجَّلْ إصابةٌ واحدةٌ جديدة
وفقدت الطواقمُ الطبيةُ عملَها فجأةً
في إسنادِه على الإنهاكِ المرئي
لأطباءَ وطبيباتٍ وممرضين وممرضاتٍ
كانوا يعملون على مدارِ الساعة
لا لإنقاذِنا
وإنما لانتشالنِا بأياديهم وأسنانِهم من الموت
لم يمت أحد
ولم تُسجَّلْ إصابةٌ واحدةٌ جديدة
وبدا الأمرُ كما لو كان مِزحةً سمجة
أو إنذاراً سُرعانَ ما تلاشى
في رقصاتٍ وقهقاتٍ وأغانٍ صاخبة
حين قالت الحكوماتُ لرعاياها
اخرجوا من بيوتِكم واذهبوا إلى حيث تشاؤون
وبوسعِكم أيضاً
أن تستهلكوا الأطنانَ التي كان يُخشى لمسُها
من عناقٍ وقبلات
وأن تذمُّوا الموتَ بأصواتِكم العالية
حين يمسكُ أحدكُم جيتَاره ويغني
وأنتم تردودن معَه:
لقد عدنا أخيراً إلى الحياة
لكننا لا نعرف
ماذا نفعلُ بها؟
.
إبراهيم المصري
أعلى