إبراهيم المصري - الجيش المصري

كنا صيادينَ وجامعي ثمار
حينما دعانا النيلُ لنؤنسَ وحدَته
بالحياةِ على ضفتيه
وقليلاً قليلاً تعلمنا الزراعة
إلى أن أصبح النيلُ بنا
يداً خضراءَ مبسوطةً بالخير
وفكَّرنا بأن نفعل شيئاً
يعجبنا أولاً في هذه الواحةِ المُحاصرةِ بالصحراء
فبنينا أهراماً ثلاثة
وشيَّدنا مدناً ومعابد
وتعلمنا القراءةَ والكتابة
وخشيةَ أن يفاجئا أحدٌ بدون أن يطرق الباب
قلنا لأبنائنا قفوا هنا وهناك
ولتكن رميةُ أقواسكِم صائبةً دائماً
وتلك هي الحكايةُ التي
نحبُّ بها الجيشَ المصري
أنْ.. نحيا آمنين
لكننا وكما تقول الحكايةُ أيضاً
لم نكن دائماً آمنين
وقد جاءنا غزاةٌ وأنبياءٌ وفاتحون
أعطونا ألواناً وأدياناً
ولم يأخذوا منا إلا قليلاً
رقةَ عصفورين يتناجيان تحت صُفصافةٍ
على شاطئ النيل
حيث الطمأنينةُ وافرة
بالماء والزرع والوجه الحسن
أو هكذا نرى صبايانا
وهن يودعن شبابنا بابتساماتٍ تُخفي ما تُخفي
حين يذهب الشبابُ إلى الحرب
أو إلى الجيش
وبإمكانك أن تقول أكثر
عن قلوب الأمهات
ولأننا نرى صورَ الجنرالاتِ على جدران المعابد
وفي الصحفِ وشاشاتِ التلفزيون
فلم نهتم بهم قدرَ اهتمامِنا
بأبنائنا الذين تثقلُ أيامَهم الأولى في الجيش
المِخلةُ والأوامرُ العسكرية
لكنهم يعتادون ويحبون وطنهم
ويموتون من أجله ومن أجلنا منذ آلاف السنين
ولا نعترف بطولِ الذاكرةِ الممتدة
من النوبةِ إلى رشيد ودمياط
إلا بهم
حتى لو كان التاريخُ مقطوعاً بمماليكَ أو بغيرهِم
تناوبوا قهرنا وحراسةَ الواحةِ الممتدة
بطول أعمارنا...
ونحن كما يعلم الجميع عنصريون
منذ أن كنا صيادينَ وجامعي ثمار
إلى أن أصبحنا في وفرةٍ من القمحِ والتوت
إلى أن أصبحنا شعباً من غلابة
مكدساً حول النيل بضفتيه
لكنه يدرك أن الأمنَ.. نعمة
يوفرها الجيشُ المصري بسواعد أبنائنا
هؤلاء الذين نراهم في القطاراتِ ووسائلِ المواصلاتِ العامة
ذاهبين إلى بيوتهم
أو عائدين منها إلى معسكراتهم
أو إلى واجباتهم التي تعني...
بعد قبلةٍ على رأسِ الأم
أن الله خيرٌ حافظاً
لهؤلاء الذين يقفون تحت الشمس
أو يسهرون الليل.. حُمَاةً للحياةِ والجمال
في أرض مصر.
.
إبراهيم المصري
أعلى