خالد شاطي - رسائل على الماسنجر.. قصة قصيرة

زوجتي ماتت فجأة. قضيتُ أسابيع في عزلة وحزن وشوق ممض ظننتُ فيها أنني إن لم أجن فلا بد لاحقٌ بها؛ قبل أن أقرر أن أعيد نشاط صفحتها في (الفيس بوك). رأيتُ منشورات تنعاها ممن عرفوها في الواقع وعلموا بموتها: شقيقات، أقارب، زملاء وزميلات عمل... ولأجيبُ على الرسائل الكثيرة في بريدها بما يناسب؛ كان علي زيارة صفحات أصحابها لتحصيل معرفة ما بهم. أستوقفتني رسائل من عشيقين لها، أحدهما كان مخادعاً فحضرتُه، أما الآخر فكان مهذباً؛ صادقاً ونزيهاً لدرجة أنه كان يأمل أن تهجر زوجها وتلتحق به في دولة مجاورة. أمضيتُ أياماً في قراءة رسائلهما وإعادة قرائتها وذرف الدموع. عرفتُ كل مايخصهما. لمستُ مشاعرهما لمس اليد ثم حذفتُ من صفحتها كل شيء وأبقيتُ عليه فقط. احتجتُ وقتاُ طويلاً لأقنعه أنني لم أمتْ؛ إن الأمر كان مزاحاً سمجاً من بعض الصديقات. وهكذا أعدنا التراسل. صارت عواطفه ملتهبة أكثر، لكنني حافظت على النسق المحافظ والمتردد في رسائلي. ويوماً بعد آخر؛ شهراً بعد آخر؛ غدت رسائلي أكثر تجاوباً ورقّة. حدث هذا دون شعور مني وأدهشني بقدر ما أسعده. أرسلتُ له بعض الصور الشخصية والتي كان يلح على رؤية أحدها. وحين طلّق زوجته؛صارت رسائلنا رسائل عاشقين محمومين وعلى وشك الجنون. وحين بدأنا نخطط لنجتمع قريباً وإلى الأبد؛ كانت قد مرت سنتين على موت زوجي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى