السيد نجم - “ابن زبيدة”.. قصة

أقسم لكم أن هذه الحكاية، حدثت لي، وقت أن كنت لا أعبأ بشيء. إنها آخر حكايات الشقاوة والعفرتة، ورجعت بعدها! أحداثها مع ابن حارس منزلنا الذي فقد أمه منذ سنوات.

لم نكن نناديه باسمه، منذ أن ماتت أمه، أطلقنا عليه لقب “ابن زبيدة”، بسبب كثرة ما رأيناه يبكي على فراق أمه “زبيدة”. واعتدنا أن نصيح بلقبه هذا مع شيء من السخرية، وكان يغضب، حتى كاد أن يفترسنا ذات ليلة، لولا أن نجحنا في العدو بعيدا عن أسنانه.. وهو ما جعلنا نصر على أن نصيح بلقبه الجديد، كي نلهو ونجري منه!

ولما كنت مع أصدقائي نفكر في لعبة نلعبها معا، اختلفنا، فريقا يرغب أن نلعب مباراة في كرة القدم، وفريقا آخر يريد أن نتنافس على لعبة “الشطرنج”. ما أن لمحته قادما من بعيد، أخبرتهم باللعبة التي سوف نقضي معها اليوم كله. فهمني أصدقائي، وتقدمنا جميعا نحوه، نرجو أن نلحق به .

رأيته وقد أحكم ذراعيه حول صدره، لكنه وقف وبقي بعيدا عندما لمحنا نتجه نحوه. لم ننتظر طويلا، التففنا حوله، ضيقنا الحصار عليه، ٳقتربنا بشدة منه، صحت فيه:

“أرني ماذا تخبيء تحت جلبابك؟”

رفض..

ٳنقضضنا عليه، فارتمى نحو الأرض، ربما يتخلص من قبضتنا.

فسألته: “لماذا اختفيت منذ الصباح؟ أين كنت؟”

رفض الإجابة.. أخيرا نجحنا في فك قبضة ذراعيه حول صدره، نزعنا عنه جلبابه، اكتشفنا ما لم نتوقعه.. كانت المفاجأة التي أذهلتنا.. وجدنا وشما جديدا على صدره، أخضر اللون، وكان الوشم باسم أمه “زبيدة”!

فاعتذرنا له، وأخبرناه أننا قررنا ألا نناديه إلا باسمه. فما كان منه إلا أن بكى بصوت مسموع، بينما كلمات ممزقة تصلنا من بين شفتيه المرتعشتين، يقول:

“بل نادوني.. نادوني ب”ابن زبيدة”.


أعلى