محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - لم يكتبوا الكثير..

لم يكتبوا الكثير
لأنهم ، كانوا يؤجلون احزانهم الى الغد
وهكذا عاشوا مئة عام
مئة عام ، واوراقهم فارغة
مئة عام
يراكمون الاحزان ، مئة عام لم يكتبوا سوى الوصية الاخيرة
" لا تأجلوا البكاء ، فالاملاح تُسبب مرض الانتظار "
لم يغنوا كثيراً
ذلك أن عرس الملك ظل يؤجل دائماً
احياناً لأن الخياط ، بالغ في حياكة النهدين
واحياناً لأن سبيبة ما انجبت صبياً اسود فاحم
واحياناً لأن الملك قد تبرز في سرواله ، فيجب غسله ، وتعطيره لاسابيع
هناك دائماً سبب للتأجيل
ولا فرح دون مؤخرة الملك على المقعد المُحاك من جلود من فرحوا دون إذن الملك
وهكذا
وحين مات ، طُلب منهم
مئة جثة للحداد ، كانت جثث ابنائهم المميزين
وهكذا ظلوا على حدادهم الى الابد
لم يرقصوا كثيراً
لأنهم بلا احذية ، لانهم يصلون دائماً ، ابد الوقت
من صلاة الى اخرى
والاحذية في الخارج انتظرت ، حتى فقدت الذاكرة وغبار الطريق
لم يبكوا
لان في الفم قطعة سكر
تُلوث الملح
لم يُقبلوا بعض
لأن اصابعهم كانت ترفع السماء ليخرجوا اطفال المخيمات ، بنصف وجوه ، بنصف اعين ، بنصف صرخة
لأن النصف الاخر
التصق باحذية من يسكنون السماء
لم يكترثوا
للربيع
لأن لا اشجار لهم
لتُغني
وإن نمت الاشجار ، هربوا الى الصحاري ، الى مزيد من الصحاري
فما إن يلمحوا شجرة
الا وتذكروا كيف صُلب إلههم
في كُتب خشبية
لم يركنوا صباحهم
في ناصية الطريق
لأن الليل كان يقف هناك ، مثقوب الاطارات
بكامل حيرة النجوم الكسولة
لم يحلقوا شواربهم او رؤسهم
لان القوانين تقول ، ما بعد الثورات يُحلق الجميع
من لم يمتلك شعرا
سيحلق عنقه
لم يعيشوا ابداً
لأنهم كانوا يصلون دائماً
فحياتهم تبدأ
حين لا تكون هناك صلوات عالقة
هل القبور بكل تلك الرحمة ؟

- عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى