أسامة إسبر - مفترق لأشباح تغادرني

-١-
غرابٌ يجثمُ بين الأعشاب
في ريشهِ وزغبه
يتوحّد بريقُ سوادٍ بوهج اخضرارٍ.
-٢-
ترتعشُ ريشاتُ الغراب وزغبُ جناحيه
ترتجفُ أعشاب طويلة وقصيرة
كانت تقف في طريق الريح.
-٣-
جناحُ الطائر الطنان يدور ويتحوّل إلى هواء
عيناي تدوران معه وتتحوّلان إلى هواء
أما فمي فيمتصُّ مع منقاره رحيقَ الوردة.
-٤-
دربٌ ريفي تجمعتْ عليه الأمطار،
تتمرأى فيه أشجارٌ عالية
وتضفر جدائل أغصانها.
-٥-
في ماء يسيلُ أوراقٌ تتجمع
كي تنطلق إلى غرقها جماعياً.
حين اشتد السيل عاودت اصطفافها وتفرقت.
-٦-
ماءٌ يتقطر من صخرٍ في خاصرة الجبل
صوتُ قطراته يهمس في أذنيّ فأسمع غناءَ
أعشابٍ منتشية على أطراف الصخور
ونحل يطنّ ثملاً بين أزهار غفا على بتلاتها ضوء
لا يحب الرحيل.
-٧-
النحلة تمتص رحيق وردة،
الوردة مستسلمة
كما لو تحت تأثير قبلة.
-٨-
تحدثتُ مع شجرة، ثم انتبهتُ إلى نفسي أفعل ذلك.
أصدرت الأغصان حفيفاً متواصلاً
ربما كانت تبادلني أطراف الحديث.
-٩-
إنه الليل، يؤكد حضوره مصباحٌ على الطاولة
أو مصباحٌ في شارع فارغ حيث
تنتشرُ رائحة الخوف من ورود الظلام المتفتحة.
-١٠-
كنت على مرأى من الأشياء
أجهلُ اللغة التي تصفني بها
إلا أنني سمعتُ همسها.
-١١-
أعبرُ وحيداً في الليل
كشبحٍ يلف لفاعاً حول عنقه
لا شيء يبين منه إلا اللفاع.
-١٢-
يتساقط الثلج فوق قامتي
تتجمع ندفاته على كتفي وقبعتي
أتحول إلى شبح ثلجي في بياض الليل.
-١٣-
سماء شيكاغو تثلج في ذاكرتي
وتغمرها بالبياض
يتراكم الثلج ويحبس ذكرياتي تحته.
-١٤-
تركت أعواماً من حياتي في مدينة أخرى
تركتني أعوام في مدن أخرى
ودوماً أشعر أنني مفترق لأشباح تغادرني.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى