محمد محمود غدية - المقهى

رفاق المقهى لديهم حكايات وعوالم مدهشة، تتمدد وتتشعب فى بهو روحه كشجر اللبلاب، أشبه بسقيفة من الهدوء المشوب بالفرح والصفاء، المقهى بمثابة الإسفنجة التى تمتص كل شحنات التوتر والقلق، تغسله من الهموم والا
والأوجاع، يعرفه كل رواد المقهى، يحبونه ويعشقون حكاياته المدهشة زبون دائم فى مكتبات سور الأذبكية،
القراءة رققت مشاعره وحلقت به نحو الجمال، يمنح كل من يلقاه طاقة إيجابية مع إبتسامة لا تفارقه، يسألونه عن جديد الأخبار وماقرأ، حدثهم عن قصيدة بعنوان جدول الأعمال للشاعر احمد مطر : هكذا أقسم يومى / ست ساعات لهمى ولغمى ولضيمى / لحظة واحدة من يومى التالى / لكى ابدأ تقسيم يومى .
لكل مقعد ومنضدة فى المقهى تفاصيل وحكايات أصحابها يشبهوننا، بين ضوضاء النرد
وفيشات الطاولة ونداءات النادل التى لا تتوقف، قفزت به أحصنة الزمن نحو سنواته الخمسين، يسألونه دوما عن عدم زواجه بعد مرور عشر سنوات على وفاة زوجته،
لا أحد يرى النزف والدموع التى إنسابت فى أحشائه، وحده من يرى آلاف النجمات المتساقطة من سمائه جثثا آفلة، من بين سحب الدخان المتخلف عن إحتراق السجائر
رآها باهرة الجمال تجمع فتنة كل نساء العالم فى واحدة، كانت بمثابة جيشه القوى زخيرة الأيام،
إنسكبت قهوته على أوراقه ودفاتره وهو يصرخ بداخله : كيف لروح نابضة أن تمارس الموت والغياب، وتتركه لدروب مقفرة ومقهى جدرانه باردة
وشتاءات لا تنتهى .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى