محمد محمود غدية - الميراث

الأسرة ميسورة الحال، لاهى بالفقيرة ولا بالغنية، الأب يعمل فى شركات الغزل والنسيج، الأولاد والبنات من حملة المؤهلات العليا، الأب دأب على التواصل مع الأبناء، يشاركهم فى كل شيء، حتى رغبة الأبناء فيما يحبون من طعام، قريب منهم طول الوقت،
يسألهم المشورة فى أمر قد يتعلق بعمله ويسمع لهم، السعادة ترفرف على بيتهم الجميل، تحت مظلة الحب بين الجميع، يؤكد الأب على روح الجماعة والإخوة هى الأنقى والأبقى، ويضرب مثلا حين يجرح أصبع على الفور يصرخ المجروح تلقائيا بكلمة أخ، التى ينادى بها أخوه الأقرب، رابطة متينة اذا إجتمعت فى حزمة واحدة لا يمكن كسرها، الحكمة التى أورثها الأب لأبناءه تقول : إذا ألقت الأقدار بين يديك بليمونة مالحة، فاصنع منها شرابا حلوا مستساغا باإضافة قليل من السكر، الحياة فيها أشياء جميلة ينبغى العيش لأجلها، لابد من التخلص من الأشياء التى لاحاجة للإنسان لها، المسماة بالكراكيب، الموجودة فى أركان البيت، هناك كراكيب أخرى بالدماغ من الضرورى التخلص منها لصفاء الذهن، الصوت العالى مستقبح لاينبغى أن يسود
كما أنه من الضرورى الحرص على النظافة، حتى يسود الجمال ويتقلص القبح، يكفى ماتكابده الأم فى إعداد الطعام، وغسيل الملابس وتنسيق ورواق المنزل، قال الأصغر : إننى أفخر باأننى إبن لأب تضج المجالس فرحة بذكره،
قال الأب : معذرة ياأولادى أننى كنت بين إختيارين أن أبنى منزلا يورث لكم أو أبنى رجالا فضلاء ، فاخترت بناء رجال، وأضاف أن الله أكرمنى بكم باإختيارى فضلى الأمهات لكم، أورثتكم الحب والخلق القويم،
قالت الإبنة : لن أنسى ياأبى كيف أعدتنى الى بيتى وأسرتى بعد ثورة غضبى، وأنت تربت على كتفى قائلا :
قليل من الحب وقليل من التسامح، وستدهشى للنتائج، لقد أورثتنا أجمل ميراث، ألا وهو ميراث الأدب،
الأب يفتح ذراعيه وهو يضم أبناءه قائلا : إجعلوا من يراكم يدعو لمن رباكم، مضيفا أننى كبير بكم وبترابطكم ومحبتكم، أنتم ذخيرة الغد وفرحة اليوم .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى