سعد الشديدي - مظفر النواب – القطا والسنابل

لا نجيدُ المراثي كما يجبُ،
وحينَ نحاولُ تقليدَ آباءنا السومريين
يجفلُ فينا الرثاءُ
ويكبرُ في أوراقنا النَصبُ.
أوَ نحنُ الذين وُلدنا من الماءِ والطينِ
ثمّ ابتعدنا عن الجرفِ خمسينَ عاماً؟
الذين نمدّدُ أرجلَنا أكثرَ مما يطيقُ غطاءُ الوطن؟
لماذا نعودُ الى بلدةٍ أجهشت بالغبارِ
وما زالَ فيها قوانينُ صارمةٌ لقياسِ البكاءِ
ونوعِ الحنينِ ولونِ الشجن؟
تحدثني جدّتي: كانَ مظفرُ يأتي مع خالكَ جعفر
ويجلسُ في طارمةِ البيتِ ..
أنسى البقيةَ ولا أتذكّرُ شيئاً
ولكنني أنصتُ في هاجسٍ حائرٍ لامرأةٍ
تفرشُ الأرضَ بالعشبِ
وتختصرُ العمرَ في ليلةٍ من ليالي البنفسجِ.
أأنتَ الدليلُ الى أرضِها؟
أنتَ دليلي – على أيّ حالٍ – الى غربةٍ أصبحت سكناً دائماً.
ما عدتَ تجلسُ في شرفةِ البيتِ،
فليس سوى غرفٍ في فنادق مسكونةٍ
بعناكبَ بينَ الوسائدِ
تبيضُ لَنا رايةَ القرمطيّ لتأكلَها بعدَ حينٍ،
وسلالمُ مفروشةُ بالخياناتِ
مرصوصةٌ في كتابٍ مكينٍ!
تعودُ، الى أين؟
لأرضٍ تعاندُ أبناءَها؟
لسماءٍ تحومُ على موجةٍ .. ليسَ على بوصلة؟
تعودُ لمن؟
للذي غيّبَ النارَ والأسئلة؟
كنتَ توقظُنا مثلَ ديكِ الصباحِ الذكيّ
تُسرّحُ شعرَ السنابلِ
كي يستريحَ القَطا تحتها،
ويمرُّ القطارُ على ظلِّ زقورةٍ درسَت.
الترابَ الذي تتوسدُّ ليسَ فِراشاً
لمن يرتدي ثورةَ الزنجِ تحتَ الثيابِ.
أواني الزهورِ التي رُصفت
على العلمِ الوطنيّ
تغامرُ بين التمرّدِ في لحظةٍ
وسكونِ الغيابِ.
ها أنت ثانيةً تزورُ المنايا
لتبقى على جسرها عابراً ما استطعتَ.
والمراثي التي لا نجيدُ كما يجبُ
توصدُ البابَ هامسةً:
دعوهُ يعودُ الى نطفةِ المتمردّ حينَ يريدُ
وحيث تسيرُ الزوارقُ متعَبةً
يوّدعها البرديُّ والقصبُ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى