وداد بنموسى - نُطْفَتانِ في رَحِمِ النَّارِ

أَتَدَفّقُ
أفيضُ
أنْـهَمِرُ
تَخرُجُ مِني كلُّ السُّلالاتِ التي تتالتْ عليَّ وأنا الروح أتنقل من بَرزَخٍ إلى حَصاة
من مَلَكوتٍ إلى جَناح
من َ يَدٍ إلى رصيف
من عُشبَةٍ إلى قيثارة
يُخجلُني أحيانا ألاَّ أشتهي إلا صوته
وألا أحْلُمَ إلا بروحه تهْوي عَليَّ بالصواعق والزلازل وكل ِّ ما أوتِيَت من ضَجيج
أتَكاثَرُ في الشَّك بأَني لَستُ ربما سوى البعوضة التي تُحدِثُ رنينا في رأسه كلما همَّتْ عُزْلَة ٌ باختطافه
أو عَبَثَتْ بلَحم ِ روحه أظافرُ الضَّجَر
وأني لستُ سوى الأريكَة يستريح ُ علَيها من تعب عنيد
عَمَّر طويلا في أوصاله حتى لكأنَّ جسَدُهُ جزءٌُ من ذلك التعب
أتَفتَّحُ في الشَّك وأقولُ:
لعلي لستُ الرذاذ الحُلْوَ يتراقَصُ خلْفَ سفينَتِهِ
لعلي الشُّعاعَ يَنْجَذِب إلَيْهِ تحتَ وقع العَتَمة
لَعلي – فَقط – الحَلَبةُ التي تتصارع فيها أفكاره اليافعة
لعلي انتصاراته على الهزائم
لعلي التواطؤ الكافر بكل لذَّة ، المؤمن بكلِّ صهيل
لعلي المنجلُ يحصدُ به سنابل المتْعَة
أو قدْ أكونُ الحَقْلَ تندلعُ فيهِ شهواته المنطفئة
أَأَكونُ الرَّاحَةَ التي يتوسدها قلبُهُ؟
أَأَكونُ الكأسَ تَعَتَّقَتْ فيها دَوْخَتُهُ؟
أَأَكونُ النَّارَنْجَةَ يعتصِرُها فَوْقَ جُرْحِهِ؟
أَأَكون الوَقْدَةَ ،الهَدأةَ،الغَيمَةَ،الظلالَ،القناديل المضيئة في سديم الحنين
أأكونُ السلحفاةَ البطيئة في شرفة زَمَنهِ
الضفدع الصامتَ في بِرْكَةِ أوهامهِ؟
أَأَكون مزلاجا فِضِيًّا لباب دَهْشَتِهِ؟
مقامُهُ الأخيرُ؟؟؟؟؟؟؟ أَأَكونُ؟؟؟
أتَدَفَّقُ
أفيضُ
أنهَمرُ
يَضيعُ صَدايَ في أصدائهِ
كُلُّ حَبَّةِ شَوْقٍ تَتَقَطَّرُ في دَمي تزيدُني عَرْبَدَةً
كل بَحر أغرق ُ فيه هو امتدادٌ لضحكاته الزَّاهية
كل موقد نار أنا الصهدُ فيه
كل قُرْبٍ هوَ السِّرُ العظيم فيه، لا قربَ إلا بفِرْدوسِ نظْرَتِهِ
يَتَسابقُ إليَّ الخوفُ ، تتسَلّقُـنِـي الهواجسُ جميعُها:
كيفَ كنتُ قبلَ أن يبتلعني همسُهُ؟
أينَ كانت جَـمْرتي مدفونَة قبل أن تهُبَّ ريحُهُ؟
كيف أتدفق ؟
أفيضُ ؟
أنهَمِرُ كلَّما هَلَّ عَلَيَّ من غابة اليقين: نطفتان نحن، نتكَوَّنُ في رحِم النَّار
كيفَ لم تَتَيَقَّظْ غِوايَتي وأنا أُفسح لَهُ ظلاًّ ناعماً في مدايَ؟
كيفَ الإحساس بهِ كالإحساس بالماء؟
كيف َ الارتواءُ به أشهى؟
كيف َالارتِقاءُ إلى نوره أبهى؟
كيفَ هي الخطيئة بعينها لوْ تركته ومضيتُ أغني ألمي في الغياب؟
وإلى ما أتردد...
العشق فراشات تتجمهرُ في جَسَدي
آيات العِشقِ يَنابيعي
سماوات العشقِ مثواي،
وليس لي ما أخْسِرُهُ سِوَى الخُـسْران
لَهُ وَهَبْتُني.
فهل يلومني لوْ صَيَّرْتُني بِمَشيئةِ الجُنونِ مَجْنوُنَتَهُ؟
وهل يلومني لو أتلَفْتُ في تلابـيبـي عُنْوَةً مفتاحَ جسده؟
وهلْ يَلومُني لوْ أنا الصَّحْراءُ القاحلة يأتيها غيثُه بَعدَ طول قَيظٍ؟
وهل ْ يَلومُني ، لوْ أنا التيهُ ، أهتدي بِهِ إِلَيَّ..
أتدفَّقُ
أفيضُ
أَنْهَمِرُ...وحْدي في الكِتْمان..
أراَهُ المَصَبّ
أراني النَّهْر
فَلْيُصْغِ إِلَيَّ واجفا ذلكَ الرقراقُ إذ ْ أُناديهِ، وليضَعْ عَلى عَتبتي شموسه الرحيمَة،ولِيَأْتِني قُبَيْلَ حُلولِ الرعشات،وليَتْرُك الصبْحَ يَنْسَدل عليْنا ونحنُ في ذِرْوَة الوضوح:
لا حياةَ للغُموض بيننا
لا حياةَ إلاَّ في اللَّحظَةِ
وقدْ وَهَبْتُني لَهُ
وقَد وَهَبَني إِياهُ
وقد....تَدَفَّقْنا
فِضْناَ
انْهَمَرْنا
من سماء العُنْفُوان.

وداد بنموسى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى