طالب عبد العزيز - حين تكون البهجة داكنة

في الحانةِ التي على الشارع، بعينكاوة
ُتركتِ النافذةُ مفتوحة
لتصطبغَ الستائرُ بظِلال المُتعجّلين
النادلةُ ببنطلونها الجينز،
مسيحية ٌ، من بغداد
قدَّمتِ البيرة َ(مكسيكية، بالملح ِوالليمون)
وغابت،
قلتُ : أنا من البصرة،
لكنَّ الهواءَ تنفسَها سَريعاً.
ظلَّ شعرُها ينهمرُ على الطاولات ِ
معَ الكؤوس ِالتي تفرِّقُها
حتى انتصَفَ الليلْ .
***
قلت: كأساً من نبيذ ِالقرية ِأحمرَ
أروَّي فسيلَ الروح .
كانتِ الرَّاقِصة ُفي اللّوحة نائمة ً
والنادلة ُتروحُ وتغدو بينَ المقاعد ِالخيزران
هذا الجسدُ النصَّرانيُّ يسبحُ دائخا
فيما ُيُصِّعدُ النبيذُ الجبليُّ ارتسامَ الصورِ على الحائط
No wine after beer
تقولُ النادلة ُ ِحكْمَتهَا الانكليزية َ، وتنصرفُ
***
ومثلُ عرض ٍمسْرَحيٍ أخير
كانتِ القاعة ُ شِبْه َ خاليةٍ من المتفرجين
أقلّ منهم، الذين ناموا على الطاولات
أرففُ البارِ سوداءْ
والنورُ الذي َظلَّ يسقط ُعلى زجاجاتِ النبيذِ
شيئا فشيئا، كانَ أسودَ !
هلْ كانَ نبيذ ُالقريةِ يصِّعدُ البهجة َ داكنة ً؟
***
من جدولٍ على السَّفح ِ يأتي النبيذُ،
هذا الليلُ يُسرِّح الجَبلَ حانة ً
وطفلُ النَّخل ِلما يرتوِ بعدُ .
منذُ سنواتٍ لم يقفْ على طاولتي نادلٌ
لمْ أرَ تعْتعَة َالندّمان ِعلى الأبواب
***
من قرية ٍ بالموصل جاءوا به
تقول النادلة :
فيزَّلزلُ وادٍ بين ذراعيها
قلت :أي أنتِ ، يا هذا ،
ليسَ للسُّكرِ، يزدحم ُالغرباءُ في حانتِك
لكنِّه ُالجنوبُ يضيقُ !
في قُدّاسِ الآحاد ِ،كانَ أبونا سُولاقى
راعي السِّريان ِ الكاثوليكِ بالبصرة يقول :
تطولُ البنادقُ فيشحُّ النَّبيذ.

طالب عبد العزيز
أعلى