عبد العزيز الحيدر - ديدان سعيدة.. قصة قصيرة

كديدان نهمة..عمياء..تتحرك وبثقة تامة نحو جثة طرية هي حصتها ابدأ بوجبتي.. طبقي المعد بمراسيم صباحية محددة ,غالبا ما تصاحبها اللعنات والهمهمة المعبرة عن استياء غير واضح الوجهة…. كأشباح صغيرة مضيئة متقافزة,قلقة, بدأت تشم لحمها وعفن دمها الذي ملأ ظلام هذه الحفرة ..النفق… كفكرة قصيرة مكورة الأفخاذ ..عارية…. فكرة تضع ساقا في مياه باردة من الحوض وأخرى على العشب, الذي تحاول جاهدة ..بكل هذا الحب أن تنشر فيه لونا اخضرا حقيقا……. درنات تملأ سلالا واكياسا من الجنفاص المرطب …بعض الأحيان يمكننا أن نشم بلذة هذه الدرنات التي تنمو تحت التراب… وتزين اسواق الخضار في مواسم متكررة ,بين بين..حياة…موت…نشم أغلفتها الرقيقة المحاطة ببعض الطين أو التراب…فقط نشم تشكل هذه الرائحة من ملايين المستعمرات من البكتريا والفطريات…ليس علينا أن نغسل أيدينا, فقط ننفض عنها التراب..ثم نتطلع إلى الأعلى, لنتأكد من حالة الطقس ..المطر ..البرد..ذلك ما توحيه هذه الدرنات المحفزة المهيجة..المثيرة…. مرتبطة بالصحراء الحمراء وغيوم تتسابق مع بعض ..فعلا المطر يرقص الآن في الخارج تلك بشارة تحسن حالتي .. انا المودع هنا منذ فترة لست اعرف مداها ..فانا بدون ذراع فقدت اليسرى وكانت تزينها ساعة جميلة….توقف الم الصداع النصفي الذي يفجر الألم تحت جفني الأيمن منذ الصباح..

انه يتصاعد…. اللعين.. يتبعثر كل شئ..يتطاير…يتفكك.-

الألم يبتعد كأفعى زاحفة بعيدا عن جدران بئر مهمل, محاط بسياج حجري عال… فعى لورنس …تحت ظلال شجرة حمقاء عجوز… هي ذكريات من بيت قديم..

– الفكرة تسحبني أليها .. اللعن…الدخان يتصاعد..رائحة شواء..كل شيء يتفكك..

الفكرة تعود الى حياتها الطويلة حيث كانت في طيات الرغبات واللاوعي..كل شيء بدأ بهسيس لا يمكن لأي أذن غير ….الأذان المعجزة أن تسمعه…

– إنا سمعته, اسمعه … هسيس زحف الديدان القصيرة الممتلئة…. الديدان المكورة كمغنية يكورها لحن صعب امام المايكروفون ….إنا كنت بحاجة له.. هذا النغم واللحن الغير متوقع…

– احتاجه …..كنت متأكدا منه وما زلت..

أنه هسيس ديداني …الديدان الخاصة بحفرتي ديداني التي طالما اتخيل وجدها مرحبا بها في الاحشاء العميقة والأنفاق الجانبية التي تشكل راسي وأطرافي الأربعة التي تفترش أحلاما.. ووداعة ..وصمت مليء بالموسيقى.. بألوان مختلفة …قصصا…أوراقا … متأكد إنا من ديداني ..ديدان جثتي التي لا تستيقظ إلا في عمق ظلامي…ظلمتي المحددة بتراب من كل الاتجاهات…

هل سأكون يوما جزءا من الدرنات ..فلزا مركزا في هذه الدرنات….وهكذا إنا قلت لكم شيئا بسيطا عما اعتقده عن حياة أخرى ..أخرى لن اشعر فيها بالوحدة…يمكنكم عند ذاك تفهم مشاعري السعيدة…السعيدة الساكنة…بين حياة أو موت…لم اعد أتذكر أو أميز احدهما عن الأخر.

منذ كم انا هنا؟؟ آه لو كنت اعلم فقط.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى