عبدالرحيم التدلاوي - مقت

قد يبدو لكم أني لما رفعت يدي إلى أعلى عليين، وضممت قبضتي، ثم هويت بها على الطاولة، أنني كنت مستاء بل غاضبا من المشهد الاحتفالي الذي جرى أمامي عاريا من كل أخلاق، حين بدأ الرجل، في الساحة العمومية، وأمام أنظار متفرجين لم يحركوا ساكنا، بل ظلوا واقفين مشدودين إلى المشهد بعيون تحمل شهوة المشاركة، يضرب زوجته بكل قسوة، ويستخدم في ذلك اليد والرجل، واللسان، أما هي فقد ظلت متكورة على نفسها، ساكنة، لا تبدي مقاومة، تتلقى الضربات واللعنات بصبر غريب، كنت أسمع صدى الفعل يطن في أذني ويوقظ الغضب بداخلي كجمرة مشتعلة لا تريد انطفاء، إذ طفت على صفحة ذاكرتي، لحظة مقت أو غضب، أو ما شابه، انقذاف ما يختزنه فمي وحقارتي في الآن، ليلتصق بصفاقة على وجه من ظننتها حبيبتي. فقد اعتقدت، وكنت طرقت باب منزلها ولم تفتح لي، أنها كانت تخونني مع أستاذها الذي يساعدها في فهم دروس الرياضيات، كنوع من الدعم والتقوية، وكنت أظن أنها حيلة اقترفتها لتختلي به، كما كانت تقترف ذلك معي لتبعد عيون أبيها وتستفرد بي. فقد رأيته خارجا من المنزل وكأنه كان يرفع سرواله ويسوي حزامه، خيل إلى أنه كان قد انتهى من درسه الجنسي، ففار دمي، وحين غاب وأطلت علي بوجهها المحمر، زاد انفعالي، فقذفتها بما تراكم في فمي من لعاب، وانصرفت غير عابئ بدفاعها عن نفسها ولا بما خلفته في نفسها من ألم. آه من الألم!، يستبد بي الآن، ويطغى على كل شعور، شعرت بحقارتي وضآلتي، كيف أمكنني فعل ذلك؟، لم تأتي الوقائع لتحيي سفالتي؟ عشت أحمل عبء فداحة الفعل، وأتطهر منه، لكن جذوره ظلت ضاربة بقوة في أعماق نفسي، كل حدث يذكرني بما فعلت، قد يكون ذلك حتى لا أنسى، وحتى لا أكرر السلوك المنحط.
قمت، وبكل جدية وتصميم في التطهر النهائي من مقعدي، وسرت بثبات إلى الرجل، نزعت منه حزامه، وبكل عنف، هويت به عليه، وكانت الأنظار مستغربة فعلي غير المتوقع، وبقيت مستمرا في الجلد إلى أن غاب عن الوعي، وصرت منهكا لا أقوى على الإتيان بأي حركة، كانت ضربة خفيفة على قنة رأسي، تحملني على مرافقة غريمي. وحين استعدت وعيي، أخبرت أن الزوجة هي من قامت بذلك، هي من سارعت إلى حمل حجر وضرب رأسي به.
انكسرت حين هوت قبضتي على الطاولة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى