نبيلة غنيم - هذيــــــــان..

صباح الخير يا حبيبي سوف أحضر الإفطار حالا، (تقول أم محمود)،​

تذهب إلي المطبخ تعد الشاي بالنعناع مع بعض الفطائر التى يعشقها محمود.

تعود لمحادثته بصوت يسمعه الجيران جيداً:

ألم تفكر في الزواج يا محمود؟..

سامحها الله "منال" اتهمتك بما ليس فيك، أريد أحفاداً يا محمود، والدك مات وأنا صغيرة ولم تتح لي فرصة إنجاب غيرك.

أملي فيك يا ولدى، أتخيل أولادك يحيطون بي يقفزون ويملئون الدنيا صخباً حولي.

لابد أن تتزوج يا ولدى، (هو اللي خلق منال لم يخلق غيرها؟) لابد لك من زوجة تُعِينك علي الحياة ، تدخل بها البيت وهي تتعلق بذراعك ، تحبك، أُكحل عيوني برؤيتكما، تكون بديلة لي إذا توفاني الله.

لا تحزن يا ولدى، دمعة عينك أغلي من روحي، لن أتركك إلا إذا رأيت أولادك ولعبت معهم .

أعذرني يا حبيبي، لم أترك لك إرثاً ترتكن عليه، فأمك فقيرة وأفقرتك معها، لم يكن الأمر سهلاُ علي قلبي أن أراك تحمل شهادتك وتدور بها علي الشركات وتعود مهدوداً خالي الوفاض، لم يغمض جفني يوم قلت لي: لو كنت أمتلك رأس مال بسيط لاستغنيت عن العمل الحكومي وبدأت مشروع كباقي أصدقائي. يومها قلت لنفسي: لو كان لي ثمن كنت بعتُ نفسي من أجلك يا حبيبي.

تقطعتْ نياط قلبي حين أخبرتني بعقد عملك بالسعودية، هطلت دموعي بغزارة، سامحني فقد كذبت عليك يوم سألتني لماذا البكاء ؟ وتابعتَ بفرح: أكرمني الله بهذا العقد وسأحقق ما أتمنى، سأجعلكِ سيدة النساء، فوق مَنْ تخدمينهم للحصول علي فتات نقود لا تُسمن ولا تُغنى من جوع.

قلت لكَ حينها: إنها دموع الفرح، ولكن فرحتي الحقيقية في وجودك إلي جواري، فأنا سيدة العالم بوجودك.

لي عتاب عليك يا محمود: لماذا أرسلت زميلك ليسلمنيِّ كل ما يَخٌصكَ يا حبيبي، لماذا لم تأتى أنت؟

لم أفهم لماذا قال لي زميلك: أن أدعو لكَ بالرحمة؟! ألا يعرف العالم كله أننى أدعو لك بأكثر من ذلك؟

ليتك جئت أنت أو أنك أخذتنى معك، لأبقى إلي جوارك للأبد بجانب رسول الله .

تسكت أم محمود علي غير عادتها ، تنتبه الجارة لسكوتها باقي اليوم، تقرع الباب..

أم محمود لا ترد.

تفتح الباب لتجد روحها قد صعدت وفي حضنها صورة محمود رحمة الله عليه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى