مريم جنجلو - وَردة داخلَ قبْر ..

يَدري أنّه مُسنٌّ على الفرح
لديهِ قصورٌ في النظر
وَقلبُه مصابٌ بِداءِ الفيل.

أهمُّ إنجازاتهِ الارتماءُ في السّرير
وَالعضُّ على الوسادةِ.
يؤدّي مشهدَ البكاءِ بمهارةٍ
مثلَ جميلةٍ مهجورةٍ
في فيلمٍ بالأبيضِ والأَسْودِ.
ينهضُ وَيقطعُ الرواقَ بِخطوتَيْن
يُشعلُ سيجارةً وَيًسابقُ دخانَها نحوَ الأريكةِ
يَسقُطُ عليها مثل خبرٍ سيّئ
وَيَصدحُ بِشخيرهِ عاليًا.
مهنتهُ شاقة لذا يَنام كثيرًا
هوَ صباحًا بستانيٌّ فقيرُ
لا يملكُ شراءَ مقصٍّ لأظافرِهِ.
يقتلعُ رِقابَ الورودَ من الحدائقِ العامّة
يراهُ شرطيُّ وَيبتسم.
يَبيعُها ليلًا عند أقربِ حانة
حيث العشاق يرفعون الكؤوسَ
وَالشرطيُّ يسكرُ ويضربُ امرأتَه خلسةً.
عند الفجر يَعملُ حانوتيًا حقيرًا
يَسرقُ ورودَ البستانيّ المسكين
تلمع سنٌّ ذهبيةٌ في فمهِ حين يضحَك.
يُوزّع النعوشَ بالمجان عند كلٍّ جنازة
ويقايضُ الدّموعَ بأطواقَ الورود المسروقة
لا يُؤلمهُ أن يجوعَ البستانيّ داخلُهُ
همُّه أن يَجمعَ ثروةً بعرَقِهِ.
غدًا حين يفوز الموتُ في الانتخابات بالتّزكية
سَيوظّفُُ الحانوتيُّ البستانيَّ بمرتَّبٍ كبيرٍ
وَيَشتري له مقصًًّّا للنباتات
وآخرَ للأظافرِ
لِيعتنيَ بالموتى في غيابِه.

مريم جنجلو / لبنان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى