د. مصطفى الضبع - عقـــــــــوفأة.. قصة قصيرة

جلس يشرب شايه المر، ملقيا نظراته إلى الطريق المزدحم، كدت أعتقده نائما، بدا متناوما فاقدا حماسه للوجود:
كلما اختلفنا أو مرت بنا سحابة خصام تطلق جملتها الأثيرة: حظي وقعني فيك، من بين كل المتقدمين، رفضت خمسة قبلك.
كنت أتجاوز عن الجملة، مستقبلها بنوع من السخرية، حتى فقدت أثرها بالتكرار الممل والطريقة الآلية، فقط منذ شهر بدا وقع الجملة مختلفا، رحت أتتبع شعورا بدا يتخلق داخلي، من الخمسة؟ وكيف أتوصل لهم؟، كنت أعرف واحدا منهم: خالد عبد السميع مدرس اللغة العربية، والآخر ذكرت اسمه عرضا يوما ما: شاكر عوض الموظف بشبكة الكهرباء، بقي ثلاثة.
في لحظة نادرة من التوافق رحت أسألها بلا مبالاة، وأنا أغذي فيها حب الفخر بماضيها العريق.
لم يكن من الصعب التوصل للبقية:
- سامح عطيفي المقاول.
- شكري حسن تاجر الأقمشة.
- عبد العال سليمان الصائغ.
لم يكن من الصعب التوصل لبقية المعلومات المطلوبة: عناوين: السكن، العمل، أرقام الهواتف.
بدا متحمسا وهو يرشف شايه المر، ويلقي نظرة نارية على الطريق، تعجلت بقية الحكاية، تعبيرا عن اعتقاد عابر واجهته منذ متى أصبحت شريرا لتفكر في القتل.
هددني بنظرة جادة وهو يكاد يضحك ساخرا: من قال إنني سأقتل أو أختطف، امتلأ ثقة وهو يكمل:
المعلومات مكتملة الآن، اتفقت مع المحامي، رفع القضية، في انتظار تحديد جلسة لنظرها، المحامي حصل على مبلغ كبير لكن لا يهم فهو على قدر ثقتي بأن القضية مضمونة النتائج، لاحظ حيرتي فبادر بتقديم مذكرة تفسيرية:
خمسة سبقوني لخطبتها، تراجعوا عن الخطوبة، هي تصور أنها رفضتهم، تراجعهم تسبب في أضرار مادية ومعنوية لي، أنا المتضرر من تراجع الخمسة لذا من حقي قانونا مطالبتهم بتعويض لأني تحملت وحدي فعلهم المتكرر، أنا الوحيد الذي تحمل جناية خمسة أشخاص، أنا من يستحق المكافأة، ومن يحق لهم معاقبتهم على ما فعلوه في حقي، بدا منتشيا وهو ينهي شايه المر ويستأذن لاقتراب موعده مع المحامي.
كنت أعبر الطريق وهو يسرع راقصا كمن كان على موعد مع قدره المكشوف.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى