عبد الواحد السويّح - شتاءُ الخِراف..

يأتي الشّتاءُ مقهورًا إلى هنا
يأتي مكبَّلا بصفائح من حديدٍ
يأتي وتأتي الأميرةُ النّائمةُ تتوسّد فخذي وتمضي في الأحلامِ
كانت الخرفانُ سعيدةً بأقفاصها، سعيدةً بالحديدِ الّذي يمنع عنها الذّئابَ وكنتُ أفسّرُ للأميرةِ النّائمةِ الفرقَ بين الحقيقةِ والمجازِ
البحرُ والنّهرُ والمدُّ والجزرُ يتجوّلون بمعاطفهم الحديديّةِ في حين تبكي السّماءُ وترتعدُ الطّيورُ من البردِ
كانت الطّيورُ تحتمي بالذّئابِ المعلَّقَةِ هنا وهناكَ في كلّ شارع من شوارع المدنِ
تُذبَحُ الخرفانُ السّعيدةُ يوميّاً لكنْها تتكاثرُ في الأقفاصِ. كانتْ تأكلُ وتشربُ يوميّاً وتمارسُ الجنسَ يوميّاً
كان الشّتاءُ يستعطفُ الخريفَ يتوسّلُ إليهِ كلَّ حينٍ، كان مستعدّا أن يتنازل له حتّى عن مؤخّرتهِ، المهمّ أن يبقى، أن يتركَ الشّتاءَ في حالهِ كي لا يأتي
لكنّه
ذليلاً
أتى
أنفاسُهُ الثّقيلةُ رعودٌ وأحلامُهُ الصّغيرةُ برقٌ
استيقظي أيّتها النّائمةُ حان موعدُ الأحلامِ
سنطلقُ سَراحَ الشّتاءِ وننزعُ الفزّاعاتِ الذّئبويّةَ ونحطّم الأقفاصَ ونطاردُ البحرَ والنّهرَ والمدَّ والجزرَ ونشيّدُ جدارا بين الحقيقة والمجازِ
الدّينُ مجازٌ
التّاريخُ مجازٌ
الواقعُ مجازٌ
إلاّ الشّعر فهو وحده الحقيقةُ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى