محمد ود عزوز - يصرخ شهيد من اقصى شارع في القبر

يصرخ شهيد
من اقصى شارع في القبر
اعطيني وطناً
له شوارع لا تخون
له ايادي
تمتد مثل الدفتر المصبوغ بتاريخ النضال
له ملامح
لا سخام تُغطي جفنه ، لا بثور سوداء مثل اكزوبة الغول القديمة
و مثل دمعات الذئاب
على الماشية التي نفقت ، بين انياب الجفاف
قال الشهيد
اعطوني ذاكرةً هنا
وهنا
وهنا
وهناك
ذاكرةً تُناسب ضيق حنجرتي التي صرخت لتحفر في وعي التاريخ
ما نسميه
" تكشيرة الحرية في وجه الزنازين و السياط "
قال الشهيد
اشياء واشياء ، ثم جلس لوحده
قرب شاهده
تأمل ما تكدس من غبار ، مسح هشاشة البارود عن صدر الهواء
ثم صافح اصدقائه بالعناقات الطويلة
وبكى بحجم ما اشتهى كأسه ، وكل جخانين المدينة المُرهقة
قال الشهيد
احزانه ، مسحت رئاه على تنفسه المُسالم مثل تربته
طريحة الصمت الثقيل
صرخ الشهيد
سمعوه السماسرة ، ضجت القاعة بكامل اكواب النبيذ
ضجة القاعة ، اهتزت زجاجات المياه حتى تحولت للاحمر الساخط على كل هذا البغاء الفاحش الجنس المُحرم في دساتير الشرف
سمعوه السماسرة
كمكموه بقماشةً بيضاء كتب عليها ذات حب
"فاليسقط الدجال"
كبلوا قبره بالصراخات والبكاء ، مُزيف الدمع المنافق في الحضور
قال وطن
اعطوه جرحاً ، ثم نعشاً ، ثم نافذة تطل على مشانق النسيان
قال بيوتاً للتأئهين عن الطفولات والحليب
صرخ السماسرة " ليس للاموات ذاكرة ، ومعدة فلما البيوت ولما الحليب "
قال شارعاً
قالو مقعد ، فالمؤخرات اللطيفة يابسة ، تحتاج ان تجلس على هذا الخراب
لترى اي قبراً سوف ندفعه لنكسب ما نُريد
قال قمحاً
قالو سماً ، ارضعوه السم حين نسوا شوارعنا المضيئة كوجه آله لا يُبادل انبياءه بالمعابد والخراب
قال حريةً
وضعوه في الاقفاص ، ثم كبلوا صوته ، يده ، وجهه ، اعضاءه الحساسة
كبلو كل شيء
ثم تلو بياناً
" حول دور المرأة في التغير "
قال الكثير
لكنهم لم يسمعوا في بكاءه سوى حشرجة رصاصة عبرت عبره ، كانت فاتورة الحرية
اصطادوها
ثم بكوا ، فرحاً بذاكرة البلاد بعدما
فتحت لهم رجليها
فضاجعوها بالتهاني وبالبكاء

# عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى