عبد الواحد السويح - رجلٌ يلدُ..

يقولون إنّ الرّجلَ لا يحبلُ في حين أنّ بطني ينتفخ يوما بعد يوم.
أيّام الوحم الأولى أشتهي الفحم بشدّة. كنتُ ألتهمه بشراهة وكان جسدي ينتشي لهذا السّواد الممضوغ
بعد الشّهر الرّابع ذهبتُ للدّكتور. كان مندهشا من هذا الكائن الّذي ينمو في أحشائي. سألني عن الأب قال إنّي بحاجة إلى تحاليل بحاجة إلى اجتماع طبّي في أعلى مستوى بحضور الإعلام. كان كمَن وجد كنزا ثمينا
انسحبتُ وتركتُه سعيدا باكتشافه وهو يراجع اسمي المستعار ورقم هاتفي وعنواني الوهمييْن...
تمضي الشّهور متثاقلة في اتّجاه يوم المخاض
اتّخذتُ مكانا قصيّا تغلّبتُ على أوجاعي بصيحات أفزعت العصافير
رغبتي في التّقيّؤ لا حدّ لها ومن فمي لفظتُه. كائن غريب ينزلق على صدري كان جحشا آدميّا بقرنين صغيرين
تذكّرتُ سؤال الطّبيب عن الأب
هل كان سيصدّق أنّ الموروث هو من تداول على اغتصابي منذ وعيتُ؟
أطلقوا على المولود اسم " عالم "
عديد الجمعيات اتّصلتْ بي والمدارس العرفانيّة وعُرضت عليّ المساعدة واعتُبرَ المولود معجزة تثبت عظمة الخالق
صفحات الفايسبوك تناقلت صورَه ملايين الإعجابات والتّعليقات الّتي تسبّح للّه. الأموال تغمرني من كلّ ناحية
" ولدي" ينال الجائزة تلو الأخرى لحيته تنمو بثبات
لا أحد انتبه لنموّ القرنين
لا أحد فكّر مجرّد التّفكير في معاقبة الأب
في تخليصي من الإحساس بالعار
ولدي يستوي عملاقا في قميصه الأفغانيّ
يأخذني كلّ ليلة إلى القرن الأوّل للهجرة
لا يعبأ برغبتي في القفز
لا يكترث لرسائلي الّتي أكتبها للفراشات
لا يهتمّ بانتظار الأشجار للماء صباحا
فكّرتُ في التّخلّص منه
في قتله حتّى
لكنّي لستُ ممّن يمارس القتل
وهبتُ جسدي بطواعية للمعنى
وتركتُه يعيش




L’image contient peut-être : une personne ou plus et gros plan
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى