محمد عارف مشّة - مطر الرماد / قصة قصيرة

هل جربت يا أنا ان تعيش تحت صفيح ( الزينكو ) ، لتسمع وقع طبول حبات المطر؟ هل قفزت قطة في الليل فأفزعتك من نومك؟ أو هل سرت في زقاق المخيم يدلف عليك زخات مطر كالحجارة ولا يكون من حقك أن تتألم؟ .
هل سرت حافي القدمين ، بعد أن قاموا برفع ساقيك ، ولسع السوط أسفل قدميك ، ثم أمروك أن تسير حافي القدمين ، على أرض ترابية مليئة بالتراب والحصى مدببة الرؤوس ، كنار جهنم الحمرا ، ولا تمتلك ثمن إفطارك المدرسي ؟
الله ما أجمل طفولتنا !!!
أية طفولة حمقاء هذه التي عشناها يا صديقي ؟
منذ زمن بعيد ضربتُ الدنيا بحذاء قديم ، منذ أن كان الرحيل الأول تبعه رحيل ، فرحيل فرحيل . لعنات الرحيل المتكرر تطاردنا يا طيفي الصديق .. نفس المكان ، نفس الوجوه والأسماء ، ونفس الذاكرة التي لا تنسى ، وتلك الزنزانة بجدرانها الأربعة ، لا ماء فيها . لا هواء ، لا مكان تقضي فيه حاجتك البيولوجية ، ولا وقت للنوم .
***************** ******************* *************
البرد شديد . الشارع شديد الظلمة . لا أحد في الشارع سواي ، ظلي يطارد ظلي . خوفي مني يتسلل فيّ . تتسارع خطاي . يزداد لهاثي المحموم رعبا . ألتفت خلفي ولا شيء سوى الظلام . أنظر عن يميني ويساري مذعورا ، ولا أجد سواي . أدندن ببعض كلمات أغنية ، بالكاد أحفظها فتفتقدها ذاكرتي المثقوبة . أردد بعض أبيات من الشعر كنت أحفظها ، فلا أجدها . أستذكر بعض آيات المعوذات .
الرعب يلفني ويلف المكان . لا شيء سواي . لا أحد سواي ، ظل مَن هذا الذي يطاردني ، فيندلق رعبي منه لأصابع قدمي المرتجفتين ؟ .
أسرعُ الخطى علني أصل شارعا فيه بعض الضوء ، فتخذلني قدماي ، تخذلني عيناي .عيناي مغمضتان . فمي مطبق كما الخوف الجاثم فوق صدري . أخاف من فأر مذعور يهرب من بين قدمي ، ولا يُخرج صراخي المقموع فيّ . أصل الجدران الأربعة . يرتطم أحدها بي . يصرخ الجدار متألما . يسيل الدم من رأسي . يسير الظل خلفي . أمامي . تتوه من قدمي الطريق . اسأل ، فتحترق الأسئلة في معمعة الإجابات ، ولا جواب يجيء .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى