صابر رشدي - مندوبة مبيعات

البنت الجميلة، التي لا يزيد عمرها عن تسعة عشر ربيعا، قوامها مخفي عن عمد مدروس، تحت زي يحاول طمس ملامح تكوين سحري، ويطمر أنوثتها. كانت تحمل حقيبة متوسطة، وبين يديها ألعاب صينية. وقفت قبالتنا. - مساء الخير. - مساء الخير. قمت بالرد، فهذه عادتي مع مندوبي المبيعات. بادرتنا بالحديث عن بضاعتها، روبوت يتحدث بلا توقف، وضعت أمامنا أشياءها الصغيرة، كثيرا ما أتورط في الشراء، لا أحتمل نظرات الخجل في أعينهم وهم ينصرفون دون بيع. الفتاة فائقة الجمال، تحاول مداراة هذا الألق الاستثنائي الكامن في عينيها. كان يجلس إلى جواري مجموعة من الشخوص، أحدهم رقيع، شم رائحة الأنثى بسهولة، فنهض تاريخ كامل من الوقاحة الدفينة لديه، ليبدأ اشتباكه مبكرا. - بكم الواحد؟ أجابته عن السعر. واصل نصب شباكه متجها إلى غايته، لكنها آثرت التغاضي، وإعطاء انطباع زائف بالسذاجة، وعدم الالتفات إلى مراميه. بإصرار أخذ يوسع هجومه. - كم عمرك؟ أجابته بهدوء، لكنه واصل الأسئلة. كانت صامدة، مدربة على تلك الاقتحامات، لكنه بدا يتجاوز كل ما هو محظور، بكلمات عارية من الحياء، وعلى نحو فج، شعرْت بالاختناق حيال هذا الموقف اللإنساني. في تلك اللحظات، انطلقت إشارات متصلة، تخترق روحي، كانت جميعها تنبعث من الفتاة، بدأت معها تحولات أربكتني، فهى تعمل على توليد تضامنات فورية، لا أستطيع إيقافها، حتى تراصفت معها أفكاري. قررت شراء الألعاب الصغيرة كي أنهي هذا الموقف. وقبل أن أعطيها الثمن، سبقني هو ملوحا بنقود كثيرة قائلا: - دعك من هذه الأشياء، وتعالي للمبيت معي. ارتبكت الصبية، اغرورقت عيناها بالدموع، ثم استدارت، تاركة بضاعتها، لتسرع مهرولة، متخبطة في خطواتها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى