د. أحمد جمعه - جلس إلى جواري متعبًا،.

جلس إلى جواري متعبًا،
حكى لي عن الجميلات اللاتي
اصطحبهن كما يحلو له
في رحلة الأبد
وعن الشباب الوسيمين الذين
كسر لهم قلوبهم
حين أخذ منهم -عنوة-
حبيباتهم،
حكى لي عن الطفلات البريئات
اللاتي اغتصب طفولتهن
وختم على عيونهن
بدموع اليتم،
وعن الأمهات اللاتي لم يتجاوزن الثلاثين
وقد قام بركل أرحامهن
حين نسبهن لزوجات الشهداء،
حكى لي عن البلاد
-التي كانت لنا يوما-
وكيف أنّه زيّن وجهها الممسوخ
بالقبور المزخرفة
والمنقوش على شواهدها
تواريخ لا تنتهي
من الآه.
سندت إليه رأس دموعي
وتركت عينيَّ الصارختين تحكيان له
عن النساء اللاتي عرفتهن:
امرأة بقامة سماء
وصدر جنّة
تقدم الأكل كما رب قدير
في ساحة التحرير
للمسافرين بفرح تُجاه الموت
أوليس في الموت حرية الأبد؟!
عن الفتاة التي رأيتها في صيدليتها
وهي تضمد لي آثار الخرطوش
وكم أن عينيها
بحجم الوطن الذي اشتريناه بأنفسنا
لكنّه باعنا بتذكرة قطار،
عن الجميلة التي تغزّلت بضمادتي
بينما أقطع طريق الموت
لأنجو بها
بينما تلفظ أنفاسها الأخيرة
إثر قنبلة غاز مسيل للدموع،
وعن الطفلة التي نامت ليلة أمس لجانبي
وإلى جوارها قد رسمت
أبا وأمّا وطفلة متشابكي الأيادي
وعلى رؤوسهم
شمس ضاحكة،
عن البنت التي تلقّت عنّي قنبلة غاز
بمضرب البيسبول
ثم أخذتني لحضنها حين رأتني مرتجفًا
كم كانت كأمي
هذه التي تصغرني بعشرين حزنا.
لم تدمع عيناه
ولا ربت على كتف دموعي،
فقط كما عادته معي..
قام مستعدًا للرحيل قائلا:
لا زلت طريًا على مرافقتي
يا صغير.
صرخت:
لا تتركني أيها الموت!
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى