محمد عارف مشّة - امرأة من الفيس بوك.. قصة قصيرة

كتب اسمه في دفتر زوار المعرض . اقترب من باب صالة المعرض . وجده مغلقا . عاد بقليل من الاكتئاب . وقف بجانب العمود . أشعل سيجارة ونفث ضيقه وملامح غضبه من أنفه وفمه ، اشّتم رائحة عطر نسائية قادمة من خلفة . كادت أنفاس المرأة تلسع رقبته . التفت إلى الوراء . وجدها قريبة منه تكاد تلتصق بجسده . تراجع إلى الوراء فاصطدم كتفه بالزاوية الحادّة من العمود الاسمنتي . كاد يصرخ من شدّة الألم . تحسس موضع الألم بكف بيده المنبسط .
اعتذرت له وقالت مبتسمة بدهشة مفتعلة : الأستاذ أحمد عبد الغني الشاعر والروائي المعروف ؟
ــ نعم أنا وما زال الألم ينبض في كتفه ، مدّت يدها مصافحة ،فوضع يده على صدره ممتنا وبأنه لا يصافح النساء . امتعضت الفتاة قليلا وأخفت امتعاضها ، ثم قالت : أنا اسمهان .
ــ عفوا ؟
ظنّته لم يسمع الاسم جيدا فقّطّعت حروف اسمها : ا.س.م .هـ.ااااان
ــ سمعت الاسم يا سيدتي ولكن من تكون اسمهان ؟
*أنا متابعة وصديقة لك على الفيس بوك
اسمهان . اسمهان . لا أذكر هذا الاسم . أهلا بك سيدتي
*هل يمكن أن تقبل دعوتي لك على فنجان قهوة .
ــ شكرا في وقت لاحق
أنا مصّرة استاذ أحمد . ممكن ؟
سار جوارها تاركا مسافة معقولة بينهما خشية أن يحتك بجسده جزءا من جسدها ، وصلا المقهى . أشارت له نحو طاولة غير مشغولة ثم قالت : هذه طاولتي المخصصة لي ،لا يجلس عليها سواي وضيوفي المتميزين
ــ شكرا قالها باقتضاب
نظرت نحوه وابتسمت . تجاهل ابتسامتها . جلس في المقعد المقابل لها . دعته للجلوس جوارها . رفض بأدب . نهضت ،جلست جواره . ارتبك خجلا . لامست ساقها ساقه فارتعش جسده . نظر لساعة معصم يده مرتبكا ثم قال : أظن بأننا نكاد أن نتأخر عن موعد افتتاح المعرض .
*دعك من المعرض الان أرجوك فسيستمر عدّة أيام . دعنا نكمل سهرتنا . أرجوك
ــ لكن لدّي مواعيد أخرى . فبعد ساعة من الآن سأكون في أمسية شعرية لصديق لي . وبعد الانتهاء عندي مشاركة في أمسية قصصية لشابة مجتهدة أعددت لقصصها قراءة نقدية .
ضحكت الفتاة فالتفت لضحكتها كل من بالمقهى . فارتبك احمد خجلا .
*أنا صبية أيضا وبحاجتك .
ـــ ماذا تكتبين القصة أم الشعر؟
*بصراحة أنا كذبت عليك فاعذرني . أنا لست صديقة لك على الفيس بوك ، ولم اقرأ لك شيئا ، لكني قرأت اسمك حين كتبته في دفتر زائري المعرض .
ــ ثم .......... ؟
*أعجبتني فكرة التعرف على شاعر وروائي كما كتبت في التعريف بنفسك .
ــ ثم ............. ؟
*يقال أن الرواة والشعراء يختلف واقعهم عما يكتبون .
ــ ماذا بعد ...........؟
*لا شيء . بقي سؤال واحد من فضلك .
ــ تفضلي
هل كل الشعراء والرواة خجلون مثلك ؟
ــ لا أعرف .
لملم الشاعر اوراقه عن الطاولة متعثرا ، فتبعثرت أوراق قصصه وأشعاره على أرض المقهى . داستها بقدميها امرأة ، لها فستان أقصر من شعرها المتهدل على كتفيها ، ولم يلملم أحد قصصه وأشعاره عن الأرض .
  • Like
التفاعلات: جاسم الحمود

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى