باسم أحمد عبد الحميد - وتنمو الأماني

- هناك عند الشاطئ الأخضر كنا نزرع بذرةَ الأملِ، ونرويها حبًا واهتمامًا، فينمو الأملُ بين أيدينا جنينًا صغيرًا يخرج للعالم فاتحًا ذراعيه للدنيا، وتنمو الأماني كل يوم وتكبر، ونضيف إليها في كل لحظة موقفًا جديدًا نقيًا كشلال الجليد، ملتهبًا كبركانٍ جامح، طائرًا كعصفور الكناري، صافيًا كسماء الصيف، بلسمًا للجراح، سماويًا كصوت (فيروز)، وعذبًا كشعر ( درويش)، ذكيًا برائحة المِسك، ساحرًا كنوارس الصيف، فوَّاحًا كالياسمين، وفنارًا للسفين ...
كل يوم أشتَمُّ رائحةَ الذكرىٰ، فلا تذبل الذكريات، ولا تشِيخ، طالما رُويَتْ بماء القلب، وقِيست بترمومتر العشق، فلا نبضي توقَّف، و لا قلبي نسيَ لحظةً أن( حبي) يهديني الحياة..
وعند الصخرة كنا نغزل الحكاية بخيوط الشمس، ومن تحليق النوارس وأصدافِ البحر ، وزُرقةِ السماء، وأسرارِ العاشقين :
كنا كل يوم نبني سويَّــًا قصرًا من الرمال والخيال، وعند الغروب يغازلُني البحرُ كالعادة، فيهدِمُ ما بنَيْتُ، لأبدأ كل يوم بناءً جديدًا.
فلا انا مللتُ البناء، ولا البحرُ كفَّ عن مشاكستي بمائه الدافئ عند الغروب!!
وعند المساء يحِلُّ القمر ،( كل ليلة، وكل يوم ) ، فتطلب مني أن أكتب (حالة) !!
فأعصِرُ قلبي ، وأُمسِكُ قلمي كي أكتب، فتتسللُ إليه كلما حاولتُ التعبير، وتُمسِك بيدي لتعلِّمَني كيف تكون الكتابةُ وحروفُ الهجاء، فالحاء تُكتَبُ هكذا، والباء تكتبها بعد!!
والآن وقد طال الانتظارُ والغيابُ صِرتُ أعيش على التَّمنِّي، أناجي البحر ،فتموج( الدمعةُ في الأحداق) ، ويَسمعُني مجبورًا وسط صراخِ الموج، فتسيل دموعي حيث لقاءُ الماءِ والملح، ويتبَعني البحرُ أينما حللت ..."لا تبكِ يا صديق العمر"!!
كنت أمنحه( المدَّ ) كي يرتفعَ حاملًا البشري، فيمنحني( الجَزرَ) ليسحَبَني خلفه، وتظل اللعبةُ المائيةُ، أحكي له أسراري وأخباري وحكاياتي ومغامراتي ، ولا يمَلُّ سماعي!!
مِنْ عَجينِ الحكايةِ كان خُبزُ القلب الذي استوىٰ بنور الشمس، وألَمِ البُعد، وأنين الفراق، ونار الغربة !!



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى