د. محمد سعيد شحاتة - بداية.. شعر

وظَنَنْتُنِي الصيَّاد أُتْقِنُ حرفتي
وهي الغزالةُ في البراري شاردةْ
نَصَبَ الفِخَاخَ وقَوْسُهُ في كفِّه
والسهمُ يرصدُ والملامحُ جامدةْ
نظرتْ إليه فاسْتَقَرًّ بقلبِهِ
سَهْمُ المنيَّةِ والجوانحُ شاهدةْ
فمضى يُلَمْلِمُ من شظايا نفسِهِ
ما قدْ تَنَاثَرَ في الدُّرُوبِ الباردةْ
*
ومَضَتْ تُوَاصِلُ سَيْرَهَا في دَرْبِها مُتَبَخْتِرَةْ
هو في فَمِ الدَّرْبِ احتراقٌ وهي شمسٌ مُسْفِرَةْ
وهو الرَّمادُ إذا تجلَّى الليلُ وهي الجَوْهَرَةْ
فدَنَا تَدَلَّى نحوها كالموجةِ المتكسِّرةْ
*
رُدِّي فؤادي لا أعودُ لمثلها فتبسَّمتْ
ها قد هَرَقْتُ دماءَ قلبي والنهايةُ اُبهِمتْ
وشكا إليها حُرْقةً في القلبِ منه تحكَّمتْ
لَعَنَ السِّهامَ وقَوْسَهُ ما أخَّرتْ أو قدَّمتْ
*
يا أيها الصيَّادُ كنتَ محصَّنًا
متوثِّبًا، لملمْ شباكَكَ وارتحلْ
لكنَّ قلبَكَ لن يُغَادِرَ أرْضَنَا
هي كعبةٌ فيها يَطُوفُ ويبتهلْ
ويظلُّ يطلبُ وصلَنا أو عَفْوَنا
ونظلُّ في الليلاتِ نمنحُهُ الأملْ
لا يستقرُّ على الشواطئِ ما حَيَا
أوْ يَرْتَوِي مِنْ شَرْبةٍ تَشْفِي الغللْ
*
فمضى يُعَانِقُ جُرْحَهُ ومَضَتْ تَبُثُّ حنينَ صَادِ
لم تَدْرِ يا صيَّادُ ما صَنَعَتْ سِهَامُكَ بالفُؤَادِ
لولا التكتُّمُ لاحترقتَ من اللظى مثلَ الرَّمَادِ
صَدِّي حَمَى ظمئي إليكَ وما افْتَقَدْتُ من الرَّشَادِ
*
يا أيها الصيَّادُ عُدْ
فالليلةُ اللَّيلاءُ تَسْفَحُ ما تَبْقَّى من دمي
تشكو إليَّ جراحَ قلبِكَ والظما
في حُرْقةٍ مُتَوَسِّلا
وأنا الظمي
ما كان أدراكَ،
الدموعُ تحجَّرتْ في مقلتيَّ
وألجمتْ مني فمي
هذي ضلوعي كلُّها
بل ما تبقَّى مِنْ بقاياها بقلبِكَ تحتمي


____________________________
ديوان: سمراء الجنوب




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى