فيصل سليم التلاوي - قم حيي غزة

قُم حَيِّ غـزةَ والثمْ جُرحها الرَطِبا
وعانق النــارَ والبارود واللهَبا
وقبِّل التُرب في الساحات من وَلَهٍ
واسـتمطر الدمَ والنيرانَ والشُهُبا
وقل لها ســلمت يُمناك شــامخةً
ما زادها الهولُ إلا عِزةً وإبا
في يوم عُرســكِ يا حسناءَ أمتنا
لا أمَّ قد زغـردت نشـوانةً طرَبا
ولا أبٌ ثَمِلٌ في أوج سَكرتهِ
قــد صاح يدفــعُ عنه اللومَ والعتبا
وإخوةٌ مثل رمل البيد عدُّهمُ
صاروا غثاءً وأضحى جمعهم هِبَبَا
فلست أعلم من غيظٍ ومن حَنَقٍ
أنعي العروبةَ أم أنعي لكِ العـــرَبا؟
يا أختَ عُمريَ ما يدميكِ من وجعٍ
يدمي فؤادي ويُشجي الروح والعَصَبا
أقبِّلُ النعلَ والأقدامَ حافية
وألثمُ الــرأسَ والأحــداقَ والهُدُبا
فأنتِ زيتونةُ الوادي ونخلتُهُ
إن تعصري الزيتَ أو إن تقطفي الرُطَبا
باهَت فلسطينُ من وجدٍ ومن شغفٍ
بكِ المدائنَ من قد شـــطَّ أو قَرُبا
وسار ذكرُكِ في الآفاق يُنشِدُهُ
من قال شـعرًا ومَن مِن وَجدِهِ خَطبا

قم حَيِّ غزة واسـجد فوق تُربتها
عزيزةً ما انحنت رغْبًا ولا رَهَبَا
هذي البـــروق التي خَبئتِها زمنًا
أضاءت القدسَ والأغوار والنقبا
وأشرق الكرمل العالي بِطَلَّتِهِ
بهيـــــةً تهتكُ الأستارَ والحُجُبا
وطاف باللُدِّ قصفٌ من رعودِ مُنًى
تستمطر الأمل الموعود والسُحُبا
حييتُ غـزة والنيرانُ تلفَحُها
من كل صوبٍ فما كانت لها حطبا
حييتُها إذ شـُواظ النار تُرسله
بأسا فيهوي علـى أعدائها غضبا
حييتُ عِزَتها إذ وحدها وقفتْ
تجابِهُ الموتَ والأهوالَ والقُضُبا
فما استكانت ولا لاذت بجيرتها
ولا استغاثت تنادي أخــوةً عربا
الداعشيون في شامٍ وفي يمنٍ
والمدمنون اقتتالَ الأهل والحَرَبا
ما همهم غاصبٌ في القدس دنَّسها
ولا كأن لهم فــــي أهلها نَسَـبا
ما بينهم بأسُهم، تغلي مراجِلُهُمْ
إذ يسمعونك مـن ثاراتهم عجبا
يصّارخــون فما تدري أصائحُهمْ
نادى، أم أن غــراب البين قـد نَعَبا
شـوقًا لغزةَ هذا الفيضُ أسكُبُهُ
من التحايا ومــن حــــقٍ لها وَجبا
لفتيـــــــةٍ صُبٌرٍ صحَت عزائمهم
لكل شـــــــبلٍ على سـاحاتها وَثَبا
للصامدين على أبوابها انتصبــوا
والصانعين لنصـرٍ مقبلٍ سَـــــبَبا
حييتُ غـــزةَ والتاريخُ تنقُشُهُ
بأحرفٍ من لظى النيران قد كُتبا

فيصل سليم التلاوي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى