د. مصطفى الضبع - حوار.. قصة قصيرة

كان أمس يوما ثقيلا:
زرت صديقي المريض، كتبت عشرات الرسائل لأصدقائي المرضى، انتهيت من كتابة ثلاثة تقارير خاصة بالعمل، كتبت قصة قصيرة ترددت في نشرها فلم تكن بطلتها بالجمال الذي تمنيته لها…..
اليوم قررت ألا أنساق للروتين اليومي، خرجت مبكرا.
كان المكان شبه خال، لم أدقق في التفاصيل، فقط، تخايلت بهن يجلسن خلفي،
عندما وصلت كانوا هناك، بدا المكان خاليا رغم زحامه، كان الصمت سمة المكان المميزة، والذين يتشاركون الالتفاف حول مائدة واحدة كانوا يمارسون مساحة من الصمت تليق بموتى يجلسون حول منضدة الحياة وقد نفضوا أيديهم منها منذ قليل.
اخترت أقرب مكان للنهر، المقاعد متقاربة تقارب الكلمات في جملة قصصية، نبهتني الأصوات الخافتة لوجودهن، لم أتبين العدد ربما كانوا خمسة أو أكثر، كان لدي وقت يتسع لممارسة لعبة الانصات واختبار القدرة على الكشف عن صاحب الصوت دون رؤيته.
كنت مرهقا ولكني لم أكن نائما، كان الصوت قادما من مكان ما، شربت نصف كوب الماء، وانغمست في الحوار، ربما كانت كل واحدة تشكو من الرجل نفسه:

دائما يضعني في مكان لا يليق بي ويجمعني مع من هن دون مستواي، سئمت الشكوى قبل أن أستسلم لقدري وأعلن التمرد لاحقا، أفكر في الانسحاب وأكبر عقاب له أنه حين يحتاجني لن يجدني.
يجردني من معناي حين يصر على إدخالي في موضوعاته التافهة، مرات كثيرة حاولت إفهامه أن وجودي مرتبط بوجود الآخرين وأنه عليه أن يضعني في مكانة تليق بي لأقدم المزيد.
يصر على تجريدي من بنات جنسي، مفردة منزوعة القيمة.
أجهضني كثيرا ويئست من حمل حقيقي أقدم فيه موهبة الأنثى في إعمار الحياة.
لا يتورع عن تركي لغيره ممن يجيدون التعامل مع الأنوثة ويظل هو يتأملني في موضعي الجميل دون أن يشعر بالإهانة.
ليس لديه وعي بي، من حيث كوني مفردة يمكنها تفجير العالم وقلقلة العروش وإحداث الحروب واستعادة الزمن.


……………….
(حوار خاص بين مجموعة من الكلمات في نصوص مؤلف على أعتاب الشيخوخة)
شربت النصف الثاني من الكوب ورحت أفتش عن مصير المويجات العابرة على سطح الماء.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى