شريف محيي الدين إبراهيم - وضع هدير

وضعت هدير تلك الفتاة الجميلة، نفسها داخل العربة، وقد ارتبك عليها كل شيء!!
هي لا تدري كيف تحدث تلك الأشياء المريبة؟!
لقد تطورت الأمور معها في الآونة الأخيرة بسرعة كبيرة،
فباتت تيارات من الحيرة، والفزع تعصف بها ، وتجعلها. تشعر ألاما نفسية وجسدية لا تطاق،،
تساءلت في حيرة :
لماذا هي تحديدا ، يحدث معها تلك الأشياء المروعة ؟!

هدير تعمل في إحدى الشركات الاستثمارية الكبرى
وقد تبوأت منصبا كبيرا في سرعة قياسية نظرا لمؤهلاتها وشخصيتها الجذابة.

أشعلت هدير سيجارتها الصباحية الأولى مبكراً، عن عادتها، ولم تلق بالا لأي معاكسات ، أو كلمات عابرة من المارة، أو سائقي السيارات المارقة بجوارها.
في العادة هي تدخن خلسة بعض لفائف من التبغ التي لا تتجاوز عدد أصابع اليد يوميا، خاصة مع فنجان قهوة الصباح.
ولكن حالتها المزرية واضطرابها الشديد، لم يجعلاها تأبه لأي من تلك الأعراف التي تجعل من مجاهرة الأنثى شرب السجائر،كواحدة من الكبائر.

لم يكن أمام هدير من بد سوى الاستماع إلى نصيحة المهندسة مني زميلتها،في العمل، والتي قالت لها في جدية شديدة :
من واقع تجربتي الشخصية، لن ينقذك مما أنت فيه سوى الشيخ عارف.
ثم عادت بعد مضي عدة أيام، بعد أن لاحظت أن حالتها تزداد سوءا، لتؤكد لها : صدقيني ليس أمامك إلا هو ، أنه شيخ ذائع الصيت ذو كرامات كبيرة.
ولما صاحت بها هدير مستنكرة : أتريدين مني أن ألجأ إلى الدجالين والنصابين؟!
قالت مني في ضيق : أنه رجل مبارك لا يقبل مالا عما يقوم به من خدمات.

هي في العادة ترفض، بل وتسخر، من مثل هذه الأمور التي لا يستوعبها عقلها
و تدين بشدة كل من يمارس أو يلجأ إلى مثل هذه الأمور، بل وتتهمه بالجهل والتمسك بخرافات بالية لاسيما
و هي صاحبة التعليم العالي، خريجة الجامعة الأمريكية،
ولكن في كل المرات السابقة، كانت هدير مجرد مشاهدة، أو متفرجة من الخارج.
أما هذه المرة، فالأمر يختلف كثيرا فهي ذاتها الواقعة في قلب المأساة.

دفعت المهندسة مني بالمزيد من الريبة، و الهواجس المرعبة في نفسها، حين قالت لها :
قد يكون المهندس فارس زميلنا ، المتيم بحبك، هو السبب في كل ما يحدث لك ، بعد رفضك الزواج به.
وخاصة بعد
مطالبتك له أمام جميع موظفي الشركة، بأن يتوقف عن مطاردتك ، وأن يلتزم بما تمليه عليه علاقة الزمالة.
من احترام متبادل.

ولأن هدير كانت قد، طرقت طرقا عديدة، وطافت على العديد من الأخصائيين والأطباء ولم تفلح معها أي وسائل البتة، حتى أوشكت على الانهيار تماما.
فلم يعد متبقيا لديها من محاولات ، سوى الانسياق إلى نصيحة زميلتها مني
وخاصة بعد ما روعها ما حدث معها، بالأمس في فراشها ليلا،وذلك بعد أن خلدت للنوم.

توقفت هدير، بسيارتها على جانب الطريق ،
في أحد الأحياء الشعبية.
وبعد أن راجعت تلفونيا مع مني اسم الشارع والمسجد الذي يتواجد به الشيخ عارف
جعلت تتحرك مرتجلة قدميها

كانت شبه منومة، خطواتها مضطربة، وكأنها لازالت في كابوس مرعب

جلست أمام الشيخ عارف بعدت أن اكتفت بوضع وشاحا صغيرا فوق رأسها، لم يخف سوى بعض خصلات من شعرها الناعم الطويل، وقد غمرت
رائحة عطرها الباريسي النفاذة كل أرجاء المسجد.
ملابسها القصيرة الضيقة، ومكياجها الصارخ، محط أنظار معظم رواد المسجد ، الذين تشاغلوا عن صلاتهم بمحاولة استراق السمع والتطلع إليها.

طأطأ عارف رأسه، بعد أن نظر قليلا في عينيها الواسعتين.
طلب منها أن تهدأ من روعها، وتحكي له بالضبط ماذا قد رأت في منامها الأخير ؟!
تمالكت هدير نفسها،
قالت : هذه المرة كان الأمر أكثر فظاعة ، لم يكن حلما عاديا، كنت أشعر وكأنه حقيقة واقعة، فهو لم يتركني إلا بعد أن دفعني بقوة فأسقطني من على السرير، ثم جذبني إليه بقوة ..
وقبل أن تكمل حديثها
دفع عارف بها خارج المسجد بعدما لاحظ تجمع بعض الحضور حولهما، ثم
انتحي بها ركنا قصيا من الممر المواجه للمسجد
أكملت حديثها بعد أن أسقطت الوشاح من على رأسها :
حاولت أن أصرخ، إلا أنه، أطبق بيديه على فمي.
قاومته بشدة إلا أنه شرع في تمزيق ملابسي، حتى جردني منها
توقفت هدير لبرهة عن الحديث بعدما لمحت علامات التوتر في عيني الشيخ عارف
الذي علت الحمرة وجهه، إلا أنه ما لبث أن سألها :
هل كانت ملامحه واضحه ؟
قالت هدير وهي تبكي مذعورة : ملامحه مضببة إلا أنه يشبه أحد زملائي في العمل...
، لقد أنهكني تماما.
قال عارف في هدوء مريب : قصدك المهندس فارس، الذي تقدم لك من قبل للزواج ورفضته؟!
علت الدهشة ملامح وجه هدير، ثم قالت في تلعثم :هل تعرف فارس؟!
كيف عرفت أنه هو ؟!
بل كيف عرفت أصلا حكايتي معه.؟!

تطلع عارف إليها قليلا ، وبعد أن سألها عن بعض الأشياء التي تخصها أردف ؛
هذا مجرد حلم ولا ينبغي أن تعطيه حجما أكبر..
قالت هدير في عصبية : الأمر ليس هينا.
فكت هدير بعض أزرار بلوزتها، ثم عرت ذراعها الأيسر حتى بأن بياض ابطها وجزءا كبيرا من صدرها الناهد، ثم صاحت بعارف قائلة؛ انظر إلى كتفي.
كانت السحجات والكدمات تغطي جزءا كبيرا من ذراعها، مع آثار واضحة لأصابع خمس، وقد تركت أثرا مدمما في أعلى الذراع.
ازدرد الشيخ عارف ريقه، وقبل أن ترفع هدير جزءا من حمالة صدرها حتى تريه مزيدا من السحجات والعلامات، صاح بها عارف مشدوها: استري نفسك نحن في الشارع.
قالت هدير في وجل:
أرجوك ساعدني ؟!
نظر عارف إليها نظرة مريبة ثم همس:
هل يمكنك دفع المقابل؟!
صاحت هدير:
أنا تحت أمرك....
المهم تخلصني من هذا العذاب ، أي مبلغ تطلب؟!
قطب الشيخ عارف من ملامحه ثم قال :
ألم تخبرك صديقتك مني أنني لا أخذ مالا؟!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى