شريف محيي الدين إبراهيم - هي وهي

هي.... لم تسمح لابنتها قط بأن تطأ بقدميها بلاط المنزل .
تضعها فوق سرير حجرة النوم وتطفئ كل أنوار البيت .
فقط تترك أباجورة صغيرة تشع نورا خافتا .
فهي تخشي عليها من الميكروبات، التي تحسبها تملأ أرضية المنزل وهي تخشى على عينيها من الإضاءة القوية.
لا تسمح لها برؤية الناس ،حتي أقاربها إلا للضرورة القصوي لعلها بذلك، تتقي عيون الناس التي تقصف الحجر. .. كما أنها تحجم عن الخروج بها صيفا حرصا على بشرتها من أشعة الشمس الحارقة. .. وهي تخشى أيضا الخروج بها شتاء خوفا من زمهرير البرد .
تغسل يديها بالصابون،عشرات المرات قبل أن تحملها أو تقلبها في سريرها أثناء النوم .
هي ... لا تسمح لأبيها بأن يقبلها أو يحملها أوحتي يقترب منها إلا بعد أن يبدل ثيابه كلها ويستحم .
ما فتئت تضربها ،حين تتبول أو تتبرز علي نفسها وتلعن أبيها حين تسقط الطعام بالخطأ علي ملابسها.
دائما هي معاقبة لأي خطأ بسيط قد يصدر عنها .
تدخل أبوها كثيرا في محاولات مضنية لإصلاح الحال وإنقاذ ابنته من براثنها ... اتهمته بالفوضي والغباء، حملته ما لاطاقة له به، حاصرته بالمشاكل والديون ولم تتركه حتي خرج يوما ولم يعد.
ولما غاب اتهمتها بأنها سبب هروب أبيها منها.
بعد فترة علمت أنه تزوج من غيرها و هاجر إلي خارج البلاد.

***
بعد مضي سنوات عديدة..........
وبعد أن دارت عجلة الزمن ...
وبعد أن تبدلت الأدوار !!


هي.... وضعت أمها العجوز في حجرة المطبخ بعد أن خصصت لها مرتبة قديمة وملاءة متهالكة .
منعتها من استخدام حمامهم الخاص وسمحت لها فقط باستخدام دورة المياه الخاصة بخدم المنزل.
منعت عنها أولادها خوفا عليهم من العدوي أو التلوث لا تطعمها سوى وجبة واحدة في نهاية اليوم من بواقي وفضلات طعامهم تضعها في أنية بلاستيكية سرعان ما تتخلص منها..
لا تسمح لها بالخروج من باب المطبخ ولا تسمح لأي شخص بزيارتها بحجة أنها مريضة وتحتاج للراحة .
حينما تدخل زوجها الذي أفزعه معاملتها لأمها، نهرته بشدة ... وبخته وأعلمته إنها مسائل عائلية خاصة جدا، و أنه لا ينبغي له أن يتدخل فيما لا يعنيه .
عندما أشرق الصباح لم تجده نائما إلي جوارها ...
هرعت إلي أولادها ولكنها لم تجد أحدا منهم في حجرته ...
أصابتها حالة هياج شديدة.
جعلت تهيم في الشوارع لتبحث عنهم ولكنها لم تجد لهم أي اثر.
عادت الي بيتها .
هرعت الي المطبخ ،وعيناها تقدحان بالشرر .

......................................

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى