سفيان صلاح هلال - لا بد أن يحبل مؤمن

حين سمع "مؤمن" أن له زميلة في السيكشن اسمها "مؤمنة" أصابته الدهشة وظل حلمه يتجول بخياله معها طوال الأيام التي انتظر فيها أن تحضر ويراها. وكان يحدث نفسه قائلا: لا شك أنها رسالة وإشارة، ويتسائل لماذا تولد في عمري وتسمى على مؤنث اسمي وتدخل نفس كليتي؟ كل هذا ليس عبثا
أما فتنته الكبرى فكانت يوم أن حضرت "يا لَهْوِي يالهوي على البنت"، والله، إن دعوات أمي استجابها الله بعد أن كررها من شوائب ألسنة القرويات بفيتو شب القصد والنية، " يا لهوي يالهوي" البنت ملبن يتهادى على الأرض وحمامة ترفرف في السماء، ونسمة ترش عبيرا في الفضاء، بركاتك يا أم مؤمن يا طيبة ياصابرة على كل بلاوى الدنيا لأجل خاطر عيوننا.
أما حظه الذي يسقط صيدا جميلا دائما تحت رجليه فتجلى في أن مؤمنة رشحت نفسها لانتخابات اتحاد الطلاب، وطلبت من يقف معها في جولتها الانتخابية، "يالهوي يا لهوي البنت لبلب خطابة ووردة شعر وسحابة تأثير"... صاح أنا مؤمن أؤيد مؤمنة، ضحك الأصحاب ظنا أنه يسخر؛ مما عرَّضه لثورتها الرقيقة، لكنه أكد لها أن اسمه "مؤمن" حقا وأنه مؤمن بها حتى رئاسة الاتحاد، وقال في نفسه وحتى أودة نومي إن شاء الله ياعروسة. "يالهوي يالهوي.... البنت ثورتها غزْل البنات".
صار مؤمن مألوفا لمؤمنة يمنحها ابتسامته وعسل كلامه إن قابلها وجها لوجه، ويحضنها بعينيه ويسبح في بحارها إذا أعطته ظهرها، وقد نغششت البنت في قعرنخاعه وكرات دمائه فصار يتقرب إليها ويعمل دائما أن يكون الأكثر إشراقا في حضرتها وذاكرتها بفعل الطاقات الدافعة من قلبه الموهوج.
ولأن البنت دبلوماسية؛ مع مرور الأيام أشبعت رقة كلامها حاجة المحروس للحنان؛ فوصل به ولهه إلى منتهى الخيال وحدث فيه العناق والتفت الساق بالساق، ورأى أنه عليه أن يغلق أبواب الفراق ويطلب الوثاق. ولأن البنت مرنة قبلت دعواته للخروج، وجلست معه إلى المروج، والحقيقة أنه لم يرَ منها إلا كل مايزيده عشقا وتيها، فهي تعرف متى تسمعه ومتى تحاوره ومتى تفرمله. وحدث ذات لهيب أن تجرأ وطلبها للزواج "يالهوي يالهوي"قالت له وما الذي يمنع إن سمعتني وقبلت الشروط؟.
اشرطي كما شئت يا مؤمنة يا مأمّنة على حياتي بحبك، اعتدلت البنت ومالت وقالت: - أقدر تقديرك ولكن الزواج مشروع غير كل ما يدورفي رأسك هل ترى نفسك نظير مكافيء؟
حك شعر رأسه في محاولة لفهم قصدها؛ ولما لم يجد ما يقوله صمت على أمل ن تشرح له.
قالت له : - الزواج شراكة ولابد أن يكون ما تقدمه مثل ما أقدمه،
- لا أريد من أهلك غير الموافقة على زواجنا أما التفاصيل المادية فسأتحملها جميعا
- الموضوع ليس ماديا فقط
- هل عندك مشاكل من أي نوع؟
- إطلاقا كل ما أرجوه أن تقدم لي مثل ما أقدم لك
- لا تحملي هما لا أريدك أن تقدمي شيئا بالمرة، ما عليك وعلى أهلك غير الموافقة.
توطت العلاقات وتبادل الأهل الزيارات، وكانت أم مؤمن تعرف أن ابنها من العيال "اللي لما تحب حاجة تندلق على بوذها" ولا تركز في التفاصل. وبعد جلسة واثنتين بدأت تشكوا لأبي مؤمن من البنت وأفكارها
- البنت ده بتقول إنها هتكتب شروطها على الواد في العقد ياحاج
- يعني إيه ؟
- بتقول انه الطبيخ والكنيس والغسيل وكل حاجة بالنص
- وماله؟ ما أنا باساعدك، ثم احنا مالنا مايعيشوا زي ماعايزين!
- فيه حاجة مش عارفة أقولهالك إزاي ياحاج؟ أصل البنت ده من بتوع المساواة بين الجنسين بس ضاربة شوية
- يا ولية انت شاغلة نفسك ليه؟
- ده بتقول إن لازم يعملها أودة لوحدها والاجتماع في أودة واحدة باتفاق سابق. بأقول لها ربنا يعوض عليكم؟ قالت بضحك احنا متفقين أجيب عيل ويجيب عيل
- لأ لأ لأ لأ، سيبك من كله وفهميني إزاي هو هيجيب وهي هتجيب ده؟
- مش عارفة ياحاج؟
لعبت كلمات أم مؤمن في رأس الحاج ورتب زيارة ليعرف سر العبارة، وبعدما جلس في الصالون وشرب المشروب، تدحلب ليتطقس على كيفية تنفيذ المطلوب بطريقة فيها من اللؤم والسخرية ما يجلي القضية. وحمي وطيس النقاش وانزاحت الحواجز بين الناس وبدأ يكركب ما في الراس؛ حتى أحتدت البنت في الدفاع عن أفكارها واستنكرت فعل الطبيعة بها وهي تتسائل مستنكرة لماذا لا يحبل الرجال في الوقت الذي تحبل فيه هي؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى